مع دخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تفاقمت أزمة الكهرباء في سوريا مجددًا، حيث يواجه المواطنون انقطاعات يومية متكررة وضعفًا شديدًا في ساعات التغذية، الأمر الذي أثّر بشكل مباشر على الحياة اليومية للسكان والقطاعات الاقتصادية والصناعية.
أزمة الكهرباء في سوريا: خمس ساعات فقط يوميًا
بحسب تقارير محلية، لا تتجاوز ساعات الكهرباء اليومية في معظم المناطق السورية حالياً خمس ساعات، يتم توزيعها بشكل متقطع وغير منتظم، ما أدى إلى شلل في عدد من المهن الحيوية والمشاريع التجارية. ويشكو المواطنون من غياب العدالة في توزيع الكهرباء، إذ تحظى مناطق مثل المالكي ودمشق القديمة بتغذية تصل إلى ثماني ساعات، في حين لا تتعدى التغذية في مناطق أخرى مثل الزاهرة والصناعة والفحامة أربع ساعات فقط.
تصاعد الاستياء الشعبي
يقول أحد سكان منطقة الصناعة في دمشق لموقع عنب بلدي: “كلما سمعنا وعوداً بتحسن الكهرباء، زادت ساعات التقنين”، متسائلًا عن جدوى التصريحات الحكومية المتكررة التي لا تنعكس على أرض الواقع. بينما عبر مواطن آخر عن أمله بتحسن ساعات الكهرباء قائلاً: “لا نملك بدائل. الكهرباء الوطنية ضرورية لمعيشتنا وأعمالنا”.
السبب: توقف الغاز وزيادة الأحمال
أوضح المهندس خالد أبو دي، مدير المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، أن السبب الرئيسي وراء تراجع ساعات التغذية يعود إلى توقف إمدادات الغاز القطري، بالتزامن مع ارتفاع الطلب نتيجة حرارة الصيف. وكانت قطر قد أعلنت، في مارس الماضي، عن مبادرة لتزويد سوريا بمليوني متر مكعب يوميًا من الغاز عبر الأردن، لكن الإمدادات توقفت لاحقًا، ما تسبب بانخفاض كبير في إنتاج الطاقة الكهربائية.
خطط لتحسين الكهرباء في سوريا: اتفاقيات مرتقبة مع تركيا
كشف أبو دي أن الحكومة السورية بصدد توقيع اتفاق مع تركيا لتزويد البلاد بـ 6 ملايين متر مكعب من الغاز يوميًا، بالإضافة إلى 500 ميجاواط من الكهرباء عبر خط الربط بين حلب وتركيا. وأكد أن بدء تدفق الغاز متوقع في شهر حزيران/يونيو، ما سيساهم في رفع التغذية اليومية لتصل ما بين 6 إلى 8 ساعات خلال الشهرين المقبلين.
في الوقت نفسه، أعلنت وزارة الطاقة التركية عزمها تصدير نحو ملياري متر مكعب من الغاز سنويًا إلى سوريا، ما يعزز الآمال بتحسن ملموس في أزمة الكهرباء.
تحديات أمام توفير الكهرباء 24 ساعة
ورغم هذه الوعود، فإن تحقيق تغذية كهربائية متواصلة على مدار الساعة لا يزال بعيد المنال، وفقًا لتصريحات مدير العلاقات العامة في وزارة النفط، أحمد سليمان، الذي أشار إلى أن الأمر يتطلب إصلاح محطات التوليد، وتجديد البنية التحتية الكهربائية، ووضع أجهزة قياس جديدة، وهي مهام تتطلب وقتًا واستثمارات ضخمة.
وتعاني معظم محطات الكهرباء في سوريا من أعطال كبيرة نتيجة الحرب، وتحتاج إلى صيانة شاملة وتجديد كامل لمعداتها، وهو ما تعمل عليه الحكومة تدريجيًا رغم التحديات الاقتصادية والتقنية الكبيرة.
هل تشهد سوريا تحسنًا في الكهرباء هذا الصيف؟
في ظل هذه التطورات، يعوّل السوريون على نجاح الاتفاقات الإقليمية والمشاريع الحكومية لرفع ساعات التغذية، خصوصاً في مدن مثل دمشق التي تعاني من ضغط اقتصادي وسكاني كبير. ويبقى السؤال الأهم: هل تفي الحكومة بوعودها هذا الصيف، أم تتجدد المعاناة كما في الأعوام السابقة؟