محللون: طريق السلام بين سوريا و”إسرائيل” محفوف بالعقبات والتفاهمات لا تزال غير مضمونة

كشفت وكالة رويترز، يوم أمس الثلاثاء، عن إجراء محادثات مباشرة بين مسؤولين سوريين و “إسرائيليين” في محافظة السويداء، بمشاركة العميد أحمد الدالاتي، قائد الأمن الداخلي في المحافظة. إلا أن الدالاتي سارع إلى نفي صحة هذه المعلومات، دون أن يوقف ذلك سيل التحليلات والتكهنات بشأن مستقبل العلاقات بين سوريا و”إسرائيل” .

توقف الغارات الإسرائيلية يثير التساؤلات

تزامنت هذه الأنباء مع توقف مفاجئ للغارات الجوية الإسرائيلية على الأراضي السورية، عقب قرار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا، ولقائه مع الرئيس السوري الجديد أحمد الشرع في 14 مايو. وأكد الشرع في تصريحات إعلامية وجود محادثات غير مباشرة مع إسرائيل تهدف إلى تهدئة التوترات في المنطقة.

تصعيد سابق وتغير في السياسة

وفقاً لصحيفة الشرق الأوسط، فإن إسرائيل كثفت عملياتها العسكرية في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر الماضي، حيث نُفذت أكثر من 700 غارة استهدفت مواقع استراتيجية، منها مستودعات أسلحة ثقيلة ومنظومات دفاع جوي، بل وشملت إحداها قصفاً قرب القصر الرئاسي في دمشق. لكن الغارات توقفت فجأة بعد لقاء الشرع – ترامب، ما اعتبره محللون تحولاً جذرياً في السياسة الأمريكية تجاه سوريا.

التطبيع والسلام مقابل التعافي الاقتصادي

رغم عدم الربط الرسمي بين رفع العقوبات والتقارب السوري الإسرائيلي، يرى محللون أن “السلام مع إسرائيل” قد يكون مفتاحاً لتحسين الاقتصاد السوري. وقالت BBC البريطانية إن بعض السوريين يعوّلون على هذه الخطوة كوسيلة للتعافي بعد سنوات الحرب والعقوبات.

لكن الدكتور كمال العبدو، عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الشمال بإدلب، حذر من المبالغة في الآمال، مشيراً إلى أن السلام لا يعني بالضرورة الازدهار، مستشهداً بتجربة مصر الاقتصادية بعد معاهدة السلام مع إسرائيل منذ أكثر من أربعة عقود.

عقبات أيديولوجية وأمنية تعرقل التفاهمات

من جانبها، أكدت الدكتورة رهف الدغلي أن الرئيس الشرع يواجه صعوبة في فرض التطبيع على الجماعات الإسلامية المسلحة، سواء المحلية أو الأجنبية، والتي تتبنى مواقف داعمة للقضية الفلسطينية ومعادية للتقارب مع إسرائيل.

وأضافت BBC أن بعيداً عن الجماعات الموالية للشرع، يرى الصحفي الإسرائيلي إيهود ياري أن هناك الكثير مما يجب على السلطة في سوريا فعله، وقد تم جزء منه بالفعل، فيما يتعلق بالتنسيق لمواجهة حزب الله والفصائل الفلسطينية المسلحة التي كانت تحظى بدعم الأسد، وبعض المحاولات من قبل حماس لتأسيس قاعدة لها”.

قضايا تفاوضية معقدة على الطاولة

بدوره، صرح الباحث السوري وائل علوان لقناة الجزيرة بأن من أبرز الملفات المطروحة في أي مفاوضات قادمة سيكون وقف إطلاق النار وفصل الاشتباك، إلى جانب إنشاء منطقة عازلة أو منزوعة السلاح.

وأشار علوان إلى أن ضعف الدولة السورية بعد سنوات الحرب، وتراجع البنية العسكرية، يمنح إسرائيل ورقة ضغط قوية، قد تفرض شروطاً صارمة أبرزها منع سوريا من امتلاك منظومات دفاع جوي متقدمة أو أسلحة تشكل تهديداً لتل أبيب.

كما أشار إلى أن ملفات المقاتلين الأجانب، وتسليم الأسلحة الكيميائية، وحظر الجماعات المعادية لإسرائيل، ستكون ضمن أبرز النقاط التفاوضية الحساسة في المرحلة القادمة.

خلاصة: السلام بين سوريا وإسرائيل لا يزال في مراحله الرمادية

ورغم التصريحات الرسمية التي تنفي وجود مفاوضات مباشرة، إلا أن مجريات الأحداث تشير إلى تحركات دبلوماسية هادئة على الأرض. لكن المحللين يُجمعون على أن طريق “السلام السوري الإسرائيلي” لا يزال محفوفاً بالعقبات، سواء من جهة الأطراف المسلحة غير الخاضعة للدولة، أو بفعل الضغط الشعبي والإقليمي.

تصريحات الرئيس أحمد الشرع أكدت أن سوريا ليست بصدد التصعيد مع إسرائيل، بل تتجه نحو تهدئة شاملة قد تفتح الباب أمام تعافي اقتصادي تدريجي، لكن النتائج لا تزال غير مضمونة في ظل هشاشة الداخل السوري وتعقيد المشهد الإقليمي.

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.