داما بوست – د.لمياء عاصي| صدر القانون رقم 3 لعام 2024، القاضي بتحويل شركات ومؤسسات القطاع العام الى شركات مساهمة عمومية ومشتركة، والهدف الأساسي لهذا القانون هو تحويل الشركات والمؤسسات العامة إلى شركات مساهمة، وذلك كما جاء في المادة الثانية منه “الاسهام في تنمية القطاع العام الاقتصادي من خلال تنظيم إحداث الشركات المساهمة العمومية والشركات المساهمة العمومية القابضة والشركات المشتركة”، ولأن القانون يستهدف شركات ومؤسسات القطاع العام، لا بد من طرح أهم المشاكل التي تواجه القطاع العام، كما يلي:
- غياب عناصر الحوكمة الأساسية في هذه الشركات والمؤسسات وأهمها، الشفافية والتقييم والمساءلة والمشاركة والفعالية، الركائز الأساسية للحوكمة وما هو سائد عالمياً.
- التعيين في الإدارات العليا لا يخضع لمعيار الكفاءة والخبرة فقط وإنما هو تعيين سياسي يشوبه الفساد والمحسوبية.
- ارتباط هذه الشركات بجهات حكومية عديدة تتشابك سلطاتها على الشركة ولا تتقاسم المسؤولية معها عن نتائج أعمالها.
- تعقيدات عمليات اتخاذ القرار والبيروقراطية الشديدة التي تربك الإنتاج والتطوير وتؤثر على الجودة والتكاليف وبالتالي انعدام القدرة على المنافسة مع منتجات محلية مماثلة.
مع صدور القانون 3 لعام 2024، السؤال المطروح هو، هل يحل هذا القانون مشاكل القطاع العام بتحويل شركاته الى شركات مساهمة عمومية؟
اعتقد أن الجواب سيكون بالنفي، وقد يبقى القطاع العام يدور في بوتقة مشاكله وخسائره، لعدة أسباب:
- ما يزال التعيين السياسي في الشركات المساهمة العمومية والقابضة أساسياً، سواء للمدير العام أو تشكيل مجلس الإدارة، حيث يصدر قرار من رئيس مجلس الوزراء بذلك بناء على اقتراح الهيئة العامة التي ستكون بأغلبيتها مؤلفة من الموظفين الحكوميين.
- إمكانية استخدام الأرباح التي تحققها الشركة في تطوير أدوات الإنتاج أو الآلات لهذه الشركة، مرهون بالسلطة السياسية، حيث أن القانون لا يسمح للشركة الجديدة بالاحتفاظ بالأرباح أكثر من ثلاث سنوات.
- التدخل القوي للحكومة مازال موجوداً في الشركات المساهمة والقابضة العمومية، حيث ورد ذكر مجلس الوزراء مرات كثيرة للموافقة على النظام الأساسي والمالي للشركة،وغير ذلك.
- تنص المادة 24 فقرة (ج) من القانون 3 بأنه “لا يجوز الحجز على مساهمة الجهة العامة أو حصصها في أي من الشركات المنصوص عليها في هذا القانون”، وهنا تعتبر هذه الفقرة تمييز لممتلكات القطاع العام وقد يشكل عائقا أمام جذب استثمارات داخلية أو خارجية والدخول في شراكات ناجعة لهدف معالجة مشاكل القطاع العام.
- نقطة إيجابية بالنسبة لتأسيس الشركات المشتركة، حيث حدد القانون مرجعيتها الأساسية قانون الشركات رقم (29) لعام 2011، سواء لجهة إصدار النظام الأساسي والمالي أو تشكيل الإدارات العليا وغيرها.
- مع أن الشركات المساهمة هي الأقدر على تطبيق نظام حوكمة مكتمل الأركان، إضافة إلى قدرتها على توزيع الملكيات وتعبئة المدخرات الصغيرة في القنوات التنموية والاستثمارية، لم ينص القانون 3 على أن الشركات المشتركة يجب أن تكون شركات مساهمة بل تركها لظروف كل شركة.
صحيح أن القانون بمجمله يعتبر خطوة متقدمة في إطار معالجة مشاكل شركات ومؤسسات القطاع العام دون اللجوء إلى عملية الخصخصة التي لها سمعة سيئة، مع العلم أن موضوع الخصخصة يمكن أن يتم بشكل مختلف يتم فيه تفادي الأخطاء والسلبيات التي أحيطت بعملية الخصخصة وأهمها الفساد الذي اعترى العملية والتفريط بالمال العام إضافة للأضرار التي لحقت بالعمال في الشركات التي تم بيعها للقطاع الخاص، على سبيل المثال: ماليزيا اتبعت طرق متعددة في إجراء عملية الخصخصة، ونقل الملكية العامة لحملة الأسهم من أفراد الشعب الماليزي بعد خضوع تلك الشركات لعملية تأهيل تستطيع بعدها من تحقيق أرباح ويتم عرض أسهمها في البورصة بشكل تدريجي، ولكنها عملية معقدة تحتاج لمؤسسة قادرة على القيام بعملية إعادة التأهيل وإنجازها.