لا محالة، الاحتلال إلى زوال مهما طال الأمد، قاعدة أكدتها حقب التاريخ على مر الزمان، وقواعد الاحتلال الأمريكي غير الشرعية في سوريا، والتي استنزفت خيرات الشعب السوري، نفطاً وقمحاً وأرضاً، لن تستطيع الشذوذ عن القاعدة التاريخية، فالشعب السوري لن يستكين لوجوده رغم تواطؤ البعض من الانفصاليين مع هذا الاحتلال.
قواعد الاحتلال الأمريكي في سوريا والعراق باتت محج صواريخ وغارات المقاومتين العراقية والسورية، والخسائر بدأت تطفو على السطح الأمريكي، مع وصول عدد تلك الهجمات إلى نحو 200 هجوم والتي انطلقت بالتزامن مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة تضامناً مع الشعب الفلسطيني.
المقاومتان السورية والعراقية قالتا كلمتهما بالذود عن الأرض والعرض، ودك قواعد الاحتلال ومن يأخذ بيده من ضعاف النفوس، فلا خيار أمام المحتل المنهزم إلا الرحيل مهما طال أمد جبروت وتعنت الاحتلال.
الصراخ الداخلي الأمريكي بدأ يعلو بوجه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، مع تفاعل قضية الخسائر التي تتعرض لها قواعد الاحتلال وخصوصاً في سوريا، الأمر الذي لا يبدو أن تكلفته ستكون قليلة على الداخل الأمريكي مع اقتراب موعد الانتخابات الأمريكية.
وتأكيداً على دخول مرحلة التفكير بالانسحاب حالة التجهيز، على وقع ضربات المقاومة، كشفت مجلة “فورين بوليسي” عن مصادر في البيت الأبيض ووزارتي الدفاع والخارجية، أن واشنطن لم تعد مهتمة بالبقاء في سوريا.
ولم يعد الأمر مجرد فكرة، بل تعدى مرحلة النقاش الداخلي، كما أفاد موقع معهد “كوينزي” الأميركي، بأن السيناتور الجمهوري راند بول يسعى إلى فرض التصويت على مشروع قرار قدمه، يهدف إلى سحب قوات بلاده المتمركزة في سوريا، ونقل المعهد الأميركي، في تقرير عن مكتب السيناتور الجمهوري عن ولاية كنتاكي، أنه يسعى إلى سحب الجنود المتواجدين في سوريا.
وكما أن “الشعب الأمريكي سئم الحروب التي لا نهاية لها في الشرق الأوسط”، على ذمة السيناتور بول، فإن الشعب السوري سئم الاحتلال الذي نهب خيرات البلد، وألب أبناء البلد على بعضهم ودعم الإرهاب وصنعه، ووجهه لاستهداف سوريا والمنطقة، والهدف منه زعزعة الأمن والاستقرار ليس في سوريا وبحسب بل في المنطقة والعالم برمته.
السيناتور راند بول، يقول: “إن الوجود الأمريكي في سوريا من دون أن تكون هناك مصالح أميركية حيوية أصبح على المحك، فلا وجود لتعريف للنصر، ولا وجود لاستراتيجية خروج، ولا وجود لتصريح من الكونغرس بالتواجد هناك”.
الأمريكيون بدؤوا ينتقدون ما يسمونه الدور العسكري الأميركي في سوريا، مؤكدين أن تمركز الجنود هناك ليس مشمولا بالتفويض المحدد للجوء إلى القوة العسكرية” الصادر عامي 2001 و2002، وبرغم ذلك فإن الاحتلال الأميركي انخرط في حرب على سوريا دون هدف واضح وفق تصريحات مسؤولين أميركيين.
وفي مؤشرات بدء النقاش الأميركي للانسحاب من سوريا، بدأ قادة البيت الأبيض يفكرون بأدواتهم في المنطقة، حيث كشف موقع المونيتور الأميركي أن وزارة الدفاع الأميركية طرحت على ميليشيا “قسد” الدخول في شراكة مع الحكومة السورية، وقال: “إن خطة الشراكة تلك تأتي، كجزءٍ من مراجعة متجددة لسياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا، والتي لا تزال قيد النقاش في وزارة الخارجية”.
قوانين التاريخ لا ترحم، ومصير الاحتلال وأدواته إلى الاندحار، وعلى الشارع الأمريكي الضغط على إدارة البيت الأبيض لسحب قواته التي تحتل أجزاء من الأرض السورية، قبل أن يعلو صوت المقاومة أكثر، ويعود الجنود بالتوابيت إلى واشنطن كما وعدت المقاومة، ووعدها مبرور به، فالتبرير الذي كثيرا ما يستخدم بأن الجنود الأميركيين موجودون بهدف ردع تنظيم “داعش”، لم يعد مقبولاً ولا مقنعاً للشعب الأمريكي، فالعالم يتغير وبدأ يدرك حقائق الأمور .
والسؤال المطروح هل من خيار آخر للاحتلال إلا الانسحاب؟ هذا الاندحار الذي بدأ ساسة دوليون يعدونه أمراً لا مفر منه، إن غداً لناظره لقريب .