سياسة “الحذر الاستراتيجي”: كيف تقرأ الصين واقع سوريا ما بعد الأسد؟

يؤكد التحليل الصادر عن مجلة “ذا ديبلومات” الأمريكية أن تحرك الصين تجاه سوريا في مرحلة ما بعد نوفمبر 2025 لا يعكس رغبة في ملء الفراغ بقدر ما يعكس رغبة في “إدارة الانكشاف”.

فبينما كانت دمشق تأمل في تدفق رؤوس الأموال الصينية، جاءت الرسائل من بكين محملة بالهواجس الأمنية والشروط المسبقة.

أولاً: الأمن قبل الاقتصاد (المعادلة الصعبة)

بالنسبة للصين، لم تعد سوريا ساحة للاستثمار بل “ثغرة أمنية” يجب سدها. يتركز القلق الصيني في:

ملف الإيغور: تعتبر بكين وجود مقاتلي “الحزب الإسلامي التركستاني” في الشمال السوري تهديداً وجودياً لأمنها القومي.

الأمن كشرط: أوضحت بكين أن أي تعاون اقتصادي حقيقي لن يبدأ قبل رؤية “إجراءات فعالة” تنهي وجود هذه المجموعات، محولة الملف الأمني من نتيجة للاستقرار إلى شرط أساسي له.

ثانياً: دبلوماسية “المسافة الواحدة”

تمارس الصين ما يمكن تسميته بـ “الانخراط دون تورط”، ويظهر ذلك من خلال:

السيادة كأداة للمناورة: تستخدم بكين مصطلحات “السيادة” و”الملكية السورية للحل” ليس لدعم طرف بعينه، بل لتبرير عدم تدخلها المباشر والحفاظ على خطوط الرجعة مع كافة القوى.

الحذر في الأمم المتحدة: امتناع الصين عن التصويت على قرارات رفع العقوبات أو فرضها يعكس رغبة في عدم منح “شيك على بياض” للقيادة الجديدة دون مقابل أمني ملموس.

ثالثاً: الاقتصاد الاستكشافي (الهروب من الأعباء)

على عكس الطموحات السورية بإعادة إعمار شاملة، يظل الموقف الصيني “مقيساً بميزان الذهب”:

الاستثمار منخفض التكلفة: تكتفي بكين بمذكرات تفاهم رمزية ومشاريع محدودة (مثل المناطق الحرة) لضمان “مقعد على الطاولة” دون تحمل مخاطر مالية كبرى.

فوبيا العقوبات وعدم الاستقرار: ترى بكين أن بيئة الاستثمار السورية لا تزال هشة، وتفضل انتظار ما ستسفر عنه الجهود الخليجية والغربية قبل المغامرة برأسمالها.

الخلاصة: الحضور بلا التزام

تتبنى الصين استراتيجية “الانتظار النشط”؛ فهي موجودة ديبلوماسياً، ومراقبة أمنياً، لكنها غائبة استثمارياً.

بكين لن تتحرك خطوة إضافية نحو دمشق إلا إذا ردمت الحكومة السورية الجديدة الفجوة بين “الوعود الشفهية” و”السيطرة الفعلية” على الأرض، خاصة في ملف المقاتلين الأجانب.

 

اقرأ أيضاً:صحيفة إسرائيلية: ترامب يسعى لجذب الشرع نحو المعسكر المعتدل ويخشى تمدد نفوذ روسيا والصين

اقرأ أيضاً:أجواء ملغومة: تنافس القوة بين تركيا وإسرائيل في سوريا

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.