إعادة تأهيل معمل غاز “حيان” في حمص: تعاون سوري – كرواتي لإحياء المنشأة

تتجه المؤسسة العامة للنفط والشركة السورية للبترول نحو إطلاق مسار فني وقانوني يهدف إلى إعادة تأهيل وتشغيل معمل غاز “حيان” في ريف حمص الشرقي، أحد أبرز منشآت الطاقة التي خرجت عن الخدمة منذ نحو ثماني سنوات، بعد تعرضها لتدمير شبه كامل خلال الحرب.

وتعمل الجهات المعنية في دمشق على التنسيق مع الشريك التقني الأصلي للمشروع، شركة “إينا” (INA) الكرواتية، في محاولة لإعادة الحياة إلى المعمل الذي كان يشكل ركيزة أساسية في منظومة إنتاج الغاز والطاقة في سوريا قبل تدميره.

منشأة استراتيجية خرجت عن الخدمة

جرى تدشين معمل غاز “حيان” عام 2011، بتكلفة وصلت إلى نحو 300 مليون يورو، ضمن شراكة بين المؤسسة العامة للنفط السورية وشركة “إينا” الكرواتية. وبلغت الطاقة الإنتاجية للمعمل نحو 3 ملايين متر مكعب من الغاز الجاف يوميًا، إضافة إلى 180 طنًا من غاز البترول المسال، ما جعله من أهم منشآت معالجة الغاز في البلاد.

لكن في عام 2017، وبعد ستة أعوام فقط من دخوله الخدمة، تعرّض المعمل لتفجير واسع النطاق نفذه تنظيم “داعش”، الذي استهدف، بحسب تقارير إعلامية، الوحدات الحيوية للمنشأة عبر زرع عبوات ناسفة وتفجيرها عن بعد، في عملية وُصفت حينها بأنها جزء من ما سُمّي “حرب الاقتصاد”.

عقبات أمام محاولات سابقة

وبحسب تقرير لصحيفة “زمان الوصل”، واجهت المحاولات السابقة لإعادة تأهيل المعمل صعوبات كبيرة، تمثلت في حجم الدمار الواسع، وتعقيد التقنيات المستخدمة في وحداته، فضلًا عن صعوبة تأمين قطع الغيار اللازمة، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والعقوبات التي كانت مفروضة على سوريا.

ونقلت الصحيفة عن الخبير النفطي المهندس أحمد المراد قوله إن التدمير الذي لحق بالمعمل لم يكن عشوائيًا، بل طال وحدات أساسية يصعب إصلاحها أو استبدالها. وأضاف أن اعتماد بعض المعدات على تقنيات أميركية شكّل تحديًا إضافيًا، في ظل القيود المفروضة على توريد هذا النوع من التجهيزات.

مسار جديد بعد تغير الظروف

مع التغيرات السياسية التي شهدتها البلاد عقب سقوط نظام الأسد، وبدء رفع العقوبات تدريجيًا، تقود الشركة السورية للبترول، برئاسة المهندس يوسف قبلاوي، مسارًا جديدًا لإعادة تأهيل المعمل، عبر مفاوضات مع الشريك الكرواتي القديم.

وأوضح قبلاوي في تصريحات صحفية أن شركة “إينا” تمتلك معرفة هندسية دقيقة بالمخططات والتصاميم الأصلية للمعمل، ما يجعلها شريكًا أساسيًا في عملية إعادة التأهيل. وأشار إلى العمل على تطوير حلول بديلة للتعامل مع مشكلة المعدات المتضررة، ولا سيما تلك التي لم تعد متوفرة في الأسواق أو تعتمد على تقنيات قديمة.

مراحل إعادة التأهيل

تعتمد الخطة الفنية لإعادة تشغيل معمل “حيان” على أربع مراحل رئيسية، تبدأ بإجراء تقييم شامل لحجم الأضرار وإمكانية إصلاح الوحدات المختلفة، ثم الانتقال إلى إصلاح الوحدات الأكثر أهمية لتأمين حد أدنى من الإنتاج. وتشمل الخطة كذلك إيجاد بدائل للمعدات التي تعذر إصلاحها، وصولًا إلى استعادة الطاقة الإنتاجية الكاملة بشكل تدريجي.

ورغم التحديات الفنية واللوجستية، يرى مختصون أن المشروع يحمل إمكانات كبيرة على مستوى الاقتصاد والطاقة. وتقول الخبيرة الاقتصادية لمياء الحسن إن إعادة تأهيل معمل “حيان” تتجاوز كونها مجرد إصلاح لمنشأة متضررة، معتبرة أنها تمثل استثمارًا في استقرار قطاع الكهرباء وتقليل الاعتماد على استيراد المحروقات، ما يخفف من الأعباء المالية على الدولة.

دلالات أبعد من الجانب التقني

وفق ما خلص إليه تقرير “زمان الوصل”، فإن مشروع إعادة تأهيل معمل غاز “حيان” يحمل دلالات تتجاوز الجانب التقني، إذ يُنظر إليه كاختبار لقدرة سوريا على إعادة إعمار قطاعات استراتيجية، ونموذج محتمل لشراكات تقنية دولية في مرحلة ما بعد الأسد.

وفي حال نجاح هذا المشروع، قد يشكل خطوة مهمة على طريق تعزيز الأمن الطاقي الوطني، ويفتح الباب أمام مشاريع مماثلة لإعادة تشغيل منشآت حيوية تضررت خلال سنوات الحرب، في إطار مسار أوسع للتعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار.

اقرأ أيضاً:سوريا توقّع اتفاقيات لتطوير حقول النفط والغاز مع شركات سعودية

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.