تسبب القرارات التركية بعزل رؤساء بلديات في خروج المتظاهرين للشوارع تنديداً بالقرارات، تزامناً مع استمرار المصادمات بين الشرطة ونواب حزب الشعب الجمهوري في إسطنبول على خلفية اعتقال رئيس بلدية اسنيورت، أحمد أوزار، وأقدمت الشرطة التركية على توقيف 140 متظاهراً في 8 ولايات.
وتشهد الساحة السياسية التركية خلال الآونة الأخيرة تصاعداً في حدة التوترات بين الحكومة والمعارضة، على خلفية قرارات حكومة أردوغان بعزل ستة رؤساء بلديات منتخبين خلال شهر واحد، في تصعيد يعاكس التوجه الذي اتخذه الجانبان قبل أشهر قليلة بهدف تليين المشهد السياسي الداخلي والحد من حدة الاستقطاب.
وأثار قرار الحكومة التركية عزل ستة رؤساء بلديات في مناطق مختلفة من البلاد على خلفية تهم متعلقة بـ”الإرهاب” موجة غضب واسعة من معسكر المعارضة الذي اعتبر أن القرارات التي أدت إلى تعيين مسؤولين حكوميين بديلاً عن الرؤساء المنتخبين، تعد تدخلاً في اختيارات الناخبين.
ويأتي هذا التصعيد بعد فترة قصيرة من محاولات الحد من حدة الاستقطاب السياسي الداخلي بين حزب “العدالة والتنمية” الحاكم وحزب “الشعب الجمهوري”، أكبر أحزاب المعارضة، بعد الانتخابات البلدية التي شهدت تقدما كبيرا للأخير في آذار الماضي.
وأدت المبادرة التي أطلقها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن لقاءات غير مسبوقة منذ سنوات بين قادة الحزبين، لكن ما لبثت حدة المشهد الداخلي أن عادت إلى التصاعد على خلفية مطالبات المعارضة بانتخابات مبكرة وقرار الحكومة عزل رؤساء بلدية في منطقة أسنيورت بإسطنبول، ورئيس بلدية ماردين الكبرى، ورئيس بلدية باتمان، ورئيس بلدية منطقة هليفتي في شانلي أورفا، بالإضافة إلى مناطق أخرى.
وأشارت الحكومة إلى أن قرارات العزل تستند إلى قضايا تتعلق بمكافحة “الإرهاب” وتعزيز الأمن القومي، فيما ترى المعارضة أن هذه الإجراءات تقوّض إرادة الناخبين وتُضعف المؤسسات الديمقراطية، مشيرة إلى أن معظم المسؤولين الذين تم عزلهم ينتمون إلى أحزاب معارضة، أبرزها حزب الشعوب الديمقراطي الكردي “ديم”.
وتلقي التطورات الأخيرة بظلال من الشك على مسار التطبيع الذي تبنته الحكومة خلال الأشهر الماضية، وما أعقبه من دعوات من أردوغان لتعزيز الوحدة الوطنية، إلى جانب مبادرات، مثل تلك التي أطلقها زعيم حزب “الحركة القومية” دولت بهتشلي، لمحاولة معالجة المسألة الكردية.
اقرأ أيضاً: الانتخابات البلدية التركية.. أردوغان يدعو لحمايتها
وكان بهتشلي، الذي يعد أحد أهم حلفاء أردوغان في تحالف الجمهور الحاكم، أشعل الأوساط السياسية المحلية في نهاية شهر تشرين الأول الماضي بعد كشفه عن مبادرة تسفر في نهايتها عن إطلاق سراح زعيم حزب العمال الكردستاني، المدرج على قوائم الإرهاب في تركيا وعدد من الدول الغربية.
ويبرز تساؤل حول ما إذا كانت عودة الاستقطاب تُعبّر عن صعوبة الحكومة في احتواء المعارضة، بينما تشير وجهات نظر أخرى إلى أن هذه السياسات قد تُعبر عن ضغوط داخلية تواجهها الحكومة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي أثرت على شريحة كبيرة من المواطنين.
وفي السياق الإقليمي، يأتي هذا التوتر المتصاعد في المشهد السياسي التركي الداخلي بالرغم من دعوات أردوغان إلى تعزيز الجبهة الداخلية من أجل تعزيز قدرة تركيا على مواجهات ما وصفه زاعماً بـ”التهديدات الإسرائيلية” المحيطة في بلاده على وقع الهجمات الإسرائيلية المتواصلة على العديد من دول “الشرق الأوسط”.