وزير الصناعة لـ داما بوست: الحكومة تتجه لإعادة هيكلة القطاع العام الصناعي.. و”الخاص” شريك بعملية التنمية
داما بوست- خاص| أكد وزير الصناعة الدكتور محمد سامر الخليل أن التوجه الحكومي حالياً يركز على إعادة النظر بالنواحي الاقتصادية من منظور كلي وطني، بالتوازي مع الانتقال تدريجياً من الدور التشغيلي للقطاع العام الصناعي إلى الدور الإشرافي والتنظيمي، مشيراً إلى أننا الآن أمام مرحلة لإعادة هيكلة القطاع العام الصناعي نظراً لعدم إمكانية الاستمرار بالوضع الراهن لأنه يستنزف موارد الدولة والاقتصاد الوطني، وأن الحكومة تنظر إلى القطاع الخاص كشريك وطني أساسي في عملية التنمية الاقتصادية.
وقال الخليل في حديث خاص لشبكة “داما بوست”: يفرض القطاع العام الصناعي بمؤسساته وشركاته تحديات كبيرة على الاقتصادي السوري ككل وعلى القطاع الصناعي بشكل خاص، ما أدى إلى كبح جماح النتائج المأمولة لعملية الإصلاح، واستمرار عدد لا بأس به من مؤسسات وشركات القطاع العام بالعمل بإدارات تقليدية، وفي مجالات غير منافسة للقطاع الخاص، ما أدى إلى استنزاف الأموال العامة في مشاريع غير ربحية وإثقال كاهل الدولة بأعباء إضافية بدلاً من دعم مواردها.
العمل على رسم ملامح السياسة الصناعية الحديثة لسورية
وأضاف: رغم العوامل التي أدت إلى استنزاف وارتفاع تكاليف الصناعة، إلا أن هناك أفقا لإجراء تحسين نسبي في مكوناتها، من خلال العمل على رسم ملامح السياسة الصناعية الحديثة لسورية بإجراء إصلاح مؤسساتي وهيكلي للبنية التنظيمية للقطاع العام الصناعي السوري، وإحداث تغييرات جوهرية تمكنّه من التخلص من بعض القيود التي كبلته ومنعته من التطور على مدى عقود، ولا سيما فيما يتعلق بوجود بنى تنظيمية لا لزوم لها، وإنّما شكلت حلقات إضافية أدت إلى المزيد من الروتين والبيروقراطية دون تحقيق أية قيم أو آثار إيجابية تذكر، لافتا إلى أن هذا التحسين لن يحل كل مشكلات القطاع الصناعي، وإنما سيكون خطوة لا بد منها للحد من الاستنزاف المستمر من جهة وللتقدم التدريجي من جهة أخرى.
إعادة النظر بالنواحي الاقتصادية من منظور كلي وطني
وأشار الوزير الخليل إلى أن الحكومة تنتهج سياسات جديدة هدفها تنشيط الاقتصاد الوطني، والتوجه الحكومي خلال المرحلة الحالية يركز على إعادة النظر بالنواحي الاقتصادية من منظور كلي وطني وليس على أساس قطاع عام أو خاص، بالتوازي مع الانتقال بشكل تدريجي من الدور التشغيلي للقطاع العام الصناعي إلى الدور الإشرافي والتنظيمي، لذلك نحن أمام مرحلة لإعادة هيكلة القطاع العام الصناعي نظراً لعدم إمكانية الاستمرار بالوضع الراهن لأنه يستنزف موارد الدولة والاقتصاد الوطني، والحكومة تنظر إلى القطاع الخاص من مؤسسات واتحادات وغرف كشريك وطني أساسي في عملية التنمية الاقتصادية.
العملية تشاركية ولا انفصال بين العام والخاص
وبين وزير الصناعة أن العملية تشاركية وليست خصخصة بالمفهوم الجامد، إذ لا انفصال بين العام والخاص إلا في طريقة التعامل مع الصعوبات التي يعاني منها العام وحيث تتقاطع في الكثير منها مع الخاص، أما بالنسبة لرغبة القطاع الخاص بالاستثمار في هذه الشركات أو عدم الرغبة فتخضع لاعتبارات تشريعية واقتصادية عديدة، حيث تسعى الوزارة حالياً للعمل على إعداد رؤية متكاملة بما فيها تهيئة البيئة التشريعية المناسبة لجعل تلك المنشآت فرصة جاذبة للاستثمار في المشاريع التي تحقق الجدوى الاقتصادية لكافة الأطراف سواء أكانت مشاريع صناعية أو سياحية أو خدمية وغيرها، مع المحافظة على الملكية.
إعادة صياغة دور الدولة في القطاع الصناعي
ولفت الوزير الخليل إلى أن الرؤى والأفكار التي تعمل عليها وزارة الصناعة تعني ضرورة إعادة صياغة دور الدولة في القطاع الصناعي ليكون إشرافياً وتوجيهياً وتنظيمياً بشكل عام، وتقليص الدور التشغيلي للقطاع العام، مقابل زيادة دور القطاع الخاص على صعيد الاستثمار الصناعي سواء المباشر أم غير المباشر بما يعني إدارة أصول الدولة وفق الصيغة القانونية المناسبة.
ضرورة إحداث هيئة ناظمة لقطاع الصناعة
وأكد أهمية إحداث هيئة ناظمة لقطاع الصناعة لاحقاً مهمتها الإشراف على تحديد التوجهات الإستراتيجية للصناعة السورية والمزايا النسبية التي يمتلكها كل قطاع، وتوجيه رؤوس الأموال الخاصة نحو الاستثمارات، والإشراف على الشركات العامة والخاصة، مبينا أن كل هذه الرؤى سيتم طرحها للحوار سواء على المستوى الحكومي، أو من خلال ورشات عمل تغني مضمونها، وتدعيمها بجملة من المقاربات والرؤى الأخرى.
وأوضح وزير الصناعة أن الوزارة سعت لرسم سياسة صناعية تستند إلى معايير اقتصادية حيث انطلقت فكرة دمج المؤسسات العامة الصناعية ذات النشاط المتماثل أو المتكامل وفق أسس علمية بهدف خلق البيئة التشريعية المناسبة لعملها، بما يمكنها من القيام بدورها الأساسي كمولد للقيمة المضافة وخلق فرص العمل ورافداً للخزينة العامة للدولة بما يساهم في النمو والتنمية الصناعية والاقتصادية للبلاد.
الدمج يعزز قدرة المؤسسات على المنافسة
وأشار وزير الصناعة إلى أن أهمية الدمج تكمن في تعزيز قدرة المؤسسات العامة الصناعية على المنافسة ومواجهة التحديات من خلال تكامل سلاسل القيمة والاستفادة من قدرات اقتصاديات الحجم الكبير وتكثيف الجهود للوصول إلى منتجات بجودة عالية وأسعار منافسة من خلال تقليص الحلقات الوسيطة والعمل على تلبية احتياجات السوق المحلية وخلق فائض للتصدير، إضافة إلى الاستفادة من سيولتها لتطوير ذاتها وتوطين صناعات حديثة ذات محتوى تكنولوجي عالي والاستثمار الأمثل للأصول الجارية في ملكيتها من خلال الصلاحيات الواسعة الممنوحة لمجالس إدارات الشركات المحدثة.
الدمج يضمن الاستفادة المثلى من الموارد البشرية
ولفت الوزير الخليل إلى أن الدمج يؤدي إلى العديد من المزايا أهمها مرونة إقرار الخطط الإنتاجية والتسويقية والاستثمارية بما يتلاءم مع رؤية وإستراتيجية الشركة المحدثة، وتخفيف أعباء إنجاز الميزانيات وصدور ميزانية واحدة عن الشركة المحدثة تعكس عدالة وشفافية القوائم والوضع المالي للشركة، ومرونة تحريك السيولة النقدية للشركة المحدثة لتأمين التمويل اللازم للمعامل التابعة وفق الأهمية والأولويات التي تخدم مصلحة الشركة، وحل مشكلة التشابكات المالية بين جهات النشاط المتكامل بعد دمجها، إضافةً إلى تأمين مستلزمات العملية الإنتاجية بأسعار مناسبة والاستفادة من الحسومات للكميات الكبيرة، والاستفادة المثلى من الموارد البشرية من خلال سهولة تحريكها ضمن الفروع والمعامل المنتجة، ووضع رؤية علمية واقتصادية وموضوعية للمعامل المدمرة والمعامل التي لا تحقق جدوى اقتصادية للوصول إلى الصيغة المناسبة للاستفادة من أصولها.
وأوضح وزير الصناعة أن فكرة دمج المؤسسات العامة الصناعية قامت على دراسات اقتصادية وموضوعية معمقة لواقع هذه المؤسسات، بما يحقق الريعية الاقتصادية لها ويعزز دورها في الاقتصاد الوطني، ولم تكن فكرة تجريبية تبدأ فيها كل مرحلة بناء على نتائج المرحلة التي تسبقها، علماً أن الشركات المحدثة بدأت للتو عملها بهويتها الجديدة.
تقديم المساعدات الممكنة لدعم المنتجات المحلية
وشدد الوزير الخليل على أن الحكومة تتخذ جميع التدابير الممكنة لمعالجة المشاكل التي تعترض سير العملية الإنتاجية، وتقديم المساعدات الممكنة لدعم المنتجات المحلية في وجه المنتجات المستوردة، حيث تقدم وفق الموارد المتاحة الخدمات الممكنة من تأمين لحوامل الطاقة بشكل مستمر وتبسيط الإجراءات وتقديم التسهيلات وتجهيز البنية التحتية في المدن والمناطق الصناعية لضمان عودة واستمرار العملية الإنتاجية لكافة المنشآت الصناعية والحرفية.
الحكومة أصدرت قرارات عدة تصب في خدمة الصناعيين
وبين وزير الصناعة أن الحكومة أصدرت عدة قرارات جديدة تصب في خدمة الصناعيين والعملية الإنتاجية والتسويقية من تأمين مستلزمات الإنتاج، وحماية المنتج المحلي، واستخدام قطع التصدير في تمويل المستوردات ودعم الإدخال المؤقت بقصد التصنيع وإعادة التصدير وغيرها، إضافة إلى قيام الحكومة بشكل مستمر وبالتعاون مع اتحاد غرف الصناعة بمراجعة وإلغاء وتعديل العديد من القرارات التي اتخذت في ظروف سابقة، حيث تغيرت حالياً الظروف التي أدت إلى اعتمادها، وذلك كله حرصاً على استمرار عمل الصناعيين، وهذه الإجراءات ستؤدي في النهاية إلى تأمين سوق أفضل للمنتجات من جهة، وزيادة ساعات التشغيل وحجم الإنتاج وبالتالي تخفيض التكاليف والمنافسة من جهة أخرى.
اجتماع رئيس الحكومة مع الصناعيين ناقش دعم تصدير المنتج السوري
وبشأن اجتماع اتحاد غرف الصناعة مع رئيس الحكومة مؤخرا أوضح الخليل أنه جرى خلاله طرح موضوع تعزيز الاستثمارات وزيادة الإنتاج وعوامل دعم وتنمية تصدير المنتج السوري، وماذا يمكن للحكومة تقديمه في هذا المجال من خلال بعض الإجراءات التي يمكن القيام بها بما فيها تعديل أو تطبيق بعض التشريعات والقوانين والتعليمات.
وأشار الوزير الخليل إلى أنه سيتم وضع أسس العمل من خلال اللجنة الاقتصادية على استكمال مشروع تعديل مواد المرسوم رقم 8 لعام 2021 بالتنسيق مع اتحاد غرف الصناعة والتجارة ووزارة التجارة الداخلية، كما تم التطرق لبعض القرارات والبلاغات وكان هناك نقاش شفاف حيث تم طرح موضوع مراجعة لبعض القرارات والتشريعات الخاصة بقطاعي الصناعة والتجارة، من أجل اتخاذ كل ما يلزم حسب الحاجة.
الصناعيون يشاركون بدراسة مشاريع القرارات والقوانين المتعلقة بقطاعهم
وحول مطالبة الصناعيين بإشراكهم في إعداد القرارات والقوانين والمراسيم التي تخص قطاعهم قال الوزير الخليل: إن الصناعيين ممثلون في أغلب اللجان الحكومية من خلال اتحاد غرف الصناعة السورية، ويتم عقد اجتماعات مشتركة بشكل دوري سعياً للاستجابة لمتطلبات الصناعيين والتي نتج عنها في بداية العام 2023 صدور عدة موافقات عن رئاسة مجلس الوزراء على توصيات اللجنة الاقتصادية.
ولفت إلى أن الصناعيين يشاركون عبر اتحاد غرف الصناعة في دراسة مشاريع القرارات والقوانين الحكومية المتعلقة بالعمل الصناعي وإبداء الملاحظات عليها مثل: قانون العمل- قانون التأمينات الاجتماعية- قانون الجمارك- قانون حماية المستهلك، كما استجابت وزارة الصناعة لمطالب الصناعيين بغية تسهيل تأمين المواد الأولية ونقل آلاتهم لإعادة تأهيلها أو إصلاحها خارج منشآتهم لتنشيط القطاع الصناعي، إضافة إلى أكثر من قرار لمصرف سورية المركزي لتسهيل عمليات التصدير وما يخص قطع التصدير مع بداية العام الحالي.
اقرأ أيضاً: وزير الصناعة يتفقد سير العمل في عدد من الشركات الإنتاجية