داما بوست _ علي محمود سليمان| تداولت وسائل الإعلام مؤخراً خبراً مفاده أن الأموال السوريّة التي استقطبتها الأسواق الإماراتية منذ 2011 ولغاية شهر أيلول من العام الحالي 2024 قد تصل إلى حوالي 40 مليار دولار، وهي تشكل ما نسبته 8.3% من مجمل الاستثمارات العربية في دولة الإمارات.
وبحسب التقارير التي نشرت في عدة وسائل إعلام إماراتية فإن حركة الأموال السورية في الإمارات جرى توظيفها لتأسيس مشاريع وأعمال في القطاعات الخدمية والتجارية واللوجستية بالإضافة للمضارَبة في بورصات الأسهم.
بينما كان الجزء الأكبر لحركة الأموال كان في قطاع العقارات سواء لامتلاك العقارات، أو المتاجرة بها، حيث سدد السوريون قرابة الـ 20 مليار دولار في سوق العقارات بالإمارات.
كما شهد قطاع الضيافة وتحديداً المطاعم ازدهاراً كبيراً في أعمال السوريين، حيث تم افتتاح أكثر من 300 مطعم سوري ما بين صغير ومتوسط وكبير خلال السنوات الأربعة الأخيرة فقط.
هجرة الأموال
وبما أن المشهد الداخلي في سوريا يشهد نشاطاً حكومياً لتحريك الركود في قطاع الأعمال وتحسين واقع الأسواق، سواء من خلال عقد جلسات الحوار لتعديل القوانين والتشريعات، أو البحث عن مصادر تمويل للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة.
فإن الخبر عن حجم استثمارات السوريين في الإمارات لا يجب أن يمر مرور الكرام، وهو يفرض السؤال عما يجب أن تقوم به الحكومة لإعادة جذب الأموال السورية من دول الجوار والاغتراب، وما هي إمكانيات ضخها باستثمارات محلية تنعش الاقتصاد السوري؟
الخبير الاقتصادي عامر شهدا يجيب عن هذا السؤال بحديثه لشبكة “داما بوست” بالقول إن الاستثمارات السورية في الخارج لها أهمية كبيرة ومن الطبيعي والضروري وجودها في تلك الدول، ولا يمكن إغفال أن الأوضاع الأمنية والسياسية التي شهدتها البلد خلال السنوات الماضية تسببت بهجرة الأموال السورية إلى الخارج وخاصة إلى دول الجوار.
ولكن هذه الهجرة يجب أن يأتي وقت وتصبح معكوسة ونشهد عودة هذه الأموال للداخل السوري، وهنا يحق لنا سؤال الحكومة أن كانت تعمل على عودة المستثمرين السوريين إلى البلد.
الحكومة لم تناقش السياسة النقدية
الخبير الاقتصادي عامر شهدا اعتبر أن تغييب المستثمرين السوريين المغتربين عن جلسات الحوار والمناقشات التي تجري لتعديل القوانين والبحث عن مصادر التمويل، لا يعطي انطباع إيجابي تجاه هذا القطاع الاقتصادي الهام، والذي يمكن أن يشكل رافد هام وقوي لتمويل المشاريع على شتى أنواعها في البلد.
وأضاف شهدا بأن الحكومة لم تقم حتى الآن بأي اجتماع لمناقشة السياسة النقدية، ومن المعروف بأن السياسة النقدية هي التي تشكل سياسة عمل الحكومات، ولذلك لن يتشجع المستثمر بالعودة إن لم يجد أي اهتمام حكومي تجاه السياسة النقدية، كما يجب على الحكومة أن تطرح استراتيجية واضحة لمكافحة التضخم، ولذلك من الصعب على الحكومة أن تنفذ المطلوب منها لأنها لم تبدأ بالتمكين المالي وهي تعاني من قلة الموارد.
شهدا أوضح بأن إعادة المستثمرين المهاجرين بحاجة لاستقرار أمني وسياسي، وإعادة بناء البنية التحتية التي تحتاج لتكاليف تزيد عن 150 مليار دولار وهو أمر غير متوفر، ولن يتوفر على المدة القصير، وهذا ما يتضح من خلال عقد ورشة العمل للبحث عن مصادر تمويل للمشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر والمتوسطة، ولن يكونوا قادرين على دعمها بسبب قلة الموارد.
وهنا يبين شهدا أن البداية السلبية ظاهرة من خلال مناقشة وزارة التجارة الداخلية للمرسوم رقم /8/، بينما يفترض قبل ذلك أن يقوم وزير التجارة الداخلية بالتخلص من كل أسباب الهدر والفساد وخاصة الموظفين – وهنا لا نعمم – وهنا يجب على الوزير أن يأتي بكوادر على مستوى تنفيذ القوانين الجديدة بالطريقة الصحيحة.
أما تعديل قوانين حالية لذات الكوادر التي تمارس الفساد والهدر فهو مضيعة للوقت، لأن هؤلاء أصبحوا خبرة في تجاوز القانون ولن يجدوا صعوبة في اختراق القانون الجديد.
الخبير الاقتصادي عامر شهدا رأى بأن الحكومة بحاجة لتعديد العديد من التشريعات والقوانين والهيكلية الإدارية للوزارات وهذا يحتاج إلى خمس سنوات على الأقل حتى يحدث.
والجدير بالذكر أن الشركات السورية احتلقت المرتبة الرابعة في قائمة الشركات الجديدة المنضمة لعضوية غرفة تجارة دبي خلال الربع الأول من العام 2024، وذلك من خلال انضمام 736 شركة جديدة.
اقرأ أيضاً: المركزي يشرح أسباب التضخم ووضع الاقتصاد السوري