موقع ألماني: انتخابات سوريا البرلمانية.. إصلاح ديمقراطي أم تعزيز لسلطة أحمد الشرع؟

تستعد سوريا لإجراء أول انتخابات برلمانية بعد سقوط النظام السوري السابق، إلا أن الانتخابات البرلمانية السورية 2025، المقررة في 5 أكتوبر المقبل، تثير انتقادات وتساؤلات واسعة حول شفافيتها ومدى ديمقراطيتها، في ظل هيمنة واضحة للرئيس الانتقالي أحمد الشرع على العملية الانتخابية.

فهل هي عملية ديمقراطية حقيقية أم هشة؟ أم أنها تعزيز لهيمنة السلطة التي يقودها أحمد الشرع على المجلس التشريعي؟

آلية انتخاب معقّدة وسط غياب التصويت المباشر:

بحسب تقرير نشره موقع “دويتشه فيله” الألماني، فإن العملية الانتخابية في سوريا ليست تقليدية، بل تُوصف بأنها معقدة وغير مباشرة. حيث لن يُسمح للسوريين بالتصويت المباشر، بل سيتم اختيار أعضاء البرلمان عبر هيئات انتخابية تضم ما بين 30 و50 شخصاً لكل مقعد، تقوم بدورها بانتخاب 121 نائباً.

ووفقاً للمعايير الموضوعة، يُشترط في أعضاء الهيئة الانتخابية أن يتمتعوا بمؤهلات علمية ونفوذ اجتماعي، وألا يكونوا منتمين للنظام السابق أو الأجهزة الأمنية. كما يُفرض تخصيص 20% من المقاعد للنساء. في المقابل، سيقوم أحمد الشرع بتعيين 70 عضواً إضافياً، ما يرفع العدد الإجمالي لأعضاء البرلمان إلى 191.

انتقادات حادة: هل يكرّس الشرع سيطرته على مجلس الشعب؟

الخطوة التي تمنح الرئيس المؤقت صلاحية تعيين أكثر من ثلث أعضاء البرلمان، أثارت مخاوف من استخدام مجلس الشعب كأداة لتعزيز السلطة، لا كجسم تشريعي مستقل. وتزداد هذه المخاوف في ظل شرط الدستور المؤقت الذي ينص على ضرورة موافقة ثلثي أعضاء المجلس لإلغاء أي مرسوم رئاسي.

وفي ظل التعيين المباشر لـ70 عضواً من قبل الشرع، فإن القدرة على تمرير قرارات مستقلة أو مساءلة السلطة التنفيذية تصبح شبه مستحيلة، كما يرى مراقبون وممثلون عن منظمات المجتمع المدني السوري، بحسب الموقع الألماني.

انتقادات من الأقليات السورية والمجتمع المدني:

الأقليات السورية كانت من أبرز المنتقدين للانتخابات، واعتبرت العملية غير شرعية وتفتقر إلى التمثيل العادل. كما أصدرت 14 منظمة مجتمع مدني سورية بياناً رسمياً تطالب فيه بتعديلات عاجلة لضمان نزاهة العملية، محذرة من أن سيطرة الشرع على العملية الانتخابية تقوّض الديمقراطية الناشئة.

تأجيل التصويت في محافظات سورية… ودلالات سياسية:

أعلنت الحكومة تأجيل الانتخابات في محافظات السويداء، الرقة، والحسكة لدواعٍ أمنية، مما يعني أن 19 مقعداً برلمانياً لن يتم ملؤها في هذه الجولة، وهو ما يزيد من تعقيد المشهد الانتخابي ويضع علامات استفهام حول الشمول الجغرافي للعملية.

استطلاعات رأي متضاربة… وتباين في المواقف:

وأظهر استطلاع رأي حديث أجراه “المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات”، ومقره قطر، بين منتصف يوليو ومنتصف أغسطس المنصرمين، أن 57 % من حوالي 4000 سوري شملهم الاستطلاع، يرون أن الوضع السياسي إيجابي.

لكن سوريين آخرين كانوا أكثر انتقادا للأوضاع، قائلين وفقا لتقرير “دويتشه فيله”، إن العملية المُدارة بشكل مكثف هي مجرد “مسرحية” سطحية، ووسيلة لإضفاء الشرعية على الحكومة الانتقالية دون السعي إلى توافق حقيقي أو ديمقراطية حقيقية.

مهام البرلمان المقبل… إصلاحات قانونية وصياغة دستور:

رغم الجدل، يُفترض أن يعمل مجلس الشعب السوري الجديد على إعداد دستور دائم، إصلاح القوانين القديمة، ووضع الأسس للانتخابات المباشرة المقبلة في غضون 3 إلى 5 سنوات. غير أن الهيمنة على تشكيلة المجلس تضعف هذه الأهداف وتحول دون بناء ديمقراطية سورية حقيقية.

إقرأ أيضاً: سيطرة عائلية على السلطة في سوريا.. جدل حول ترؤس شقيق الرئيس الشرع اجتماعاً وزارياً

إقرأ أيضاً: انتخابات مجلس الشعب: بين التعددية والهيمنة

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.