يقول المثل الأمريكي “اعتقد الحمار نفسه عالماً لأنهم حملوه كتباً”، ولكن في الحالة السورية ماذا لو عرف الحمار أن سعره صار يصل إلى حدود تعادل 1000 دولار أمريكي تقريباً، أي نحو 12 مليون ليرة سورية، كنتيجة مباشرة لأزمة المحروقات والمواصلات المتفاقمة في البلاد.
ويعتبر طبيعياً أن تؤدي زيادة أسعار المحروقات إلى ارتفاع أصناف ومواد أخرى وخصوصاً الداخلة في استخدامها كحراثة الأراضي على سبيل المثال، ولكن من غير الطبيعي أن يكون لارتفاع المحروقات سبب في زيادة سعر بعض المواشي “كالحمير والبغال” وغيرها.
ورغم أن استخدام هذه المواشي انخفض نتيجة اعتماد الأهالي على وسائل نقل أخرى، إلا أن ومع صعوبة متطلبات الحياة والغلاء الباهظ، عادت هذه الحيوانات للعمل وازدادت أسعارها حتى وصل سعر “الحمار” في إحدى قرى مصياف بمحافظة حماة إلى حوالي 5 مليون ليرة، و12 مليون ليرة في “تلكلخ” في محافظة حمص بينما “الكديش” بين 8 و10 مليون ليرة، في المحافظتين.
يتحدث “أحمد. س” وهو مزارع من قرى مصياف لـ “داما بوست”.. “عادت هذه الحيوانات إلى العمل من جديد، وخصوصاً أن تكلفة طعامها شيء لا يذكر مقابل دخلها، وفي موسم الزراعة تصل يومية العمل باستخدام هذه الحيوانات، من الساعة السادسة صباحاً إلى الثانية ظهراً بين 100 و150 ألفاً، وباقي الأيام يتم استخدامها لنقل أغراض مختلفة، كالحطب وحمولة محاصيل متنوعة”.
وتابع “أحمد” حديثه قائلاً.. “عرض عليي بيعها بسعر 5 مليون ولكنني رفضت، لعدة أسباب.. أهمها أن هذه الحيوانات تؤمن دخلاً دون وجود تكاليف وأعباء”.
وعن عادات تربية هذه الأنواع من المواشي، تحدث “أبو إبراهيم” وهو عامل في مجال الحراثة في منطقة ريف بانياس، قائلاً لـ “داما بوست”.. “أعمل في الحراثة على “الحمير” منذ أكثر من 30 سنة وحتى الآن، وخلال كل هذه الفترة أدخلت منها أكثر مما صرفت عليها بكثير، وخصوصاً أنني لا أحتاج إلى تأمين طعامها فهي تتغذى على كل شيء، وأقوم بتأمين “التبن” لها من محصولي في كل موسم”.
وأكمل “أبو إبراهيم” لقد ضعف استخدام هذه الحيوانات في الحراثة نتيجة استخدام البشر للآلات الحديثة والجرارات، ولكن اليوم ومع ارتفاع سعر الحراثة لهذه الآلات عاد الأهالي لاستخدامها مجدداً، بالرغم من أن الجرارات أسرع مقارنة بالمواشي إلا أنها أخف تكلفة على الجيب، مشيراً إلى أنها خففت عن الأهالي عناء نقل الحطب والمحاصيل الزراعية والأعباء المادية في حال تم استئجار سيارات نقل لذلك”.
وفي الفترة الأخيرة ازداد الطلب على “الحمير والبغال” بشكل ملحوظ، بالتزامن مع امتناع أصحابها من بيعها، فمن يتخيل أن يصبح “الحمار” يوماً من الأيام شيئاً يتباهى فيه الناس لقضاء حاجاتهم، إلا أن الظروف جعلت منه مقصداً ووسيلة للتوفير الاقتصادي ومعيلاً لنسبة من السوريين، تحديداً سكان القرى والأرياف والذين يعملون في الزراعة.