غياب صناديق الاقتراع في الرقة والحسكة يعمّق شعور الإقصاء السياسي
أثارت قرار اللجنة العليا للانتخابات في سوريا بإرجاء الاستحقاق الانتخابي في محافظتي الرقة والحسكة، موجة واسعة من النقاش حول التمثيل السياسي والهوية الوطنية. وبرّرت اللجنة القرار بـ”التحديات الأمنية”، فيما يرى بعض الأهالي أن الاستبعاد يعمّق شعور التهميش ويحد من المشاركة في مناطق تعاني أصلاً من أزمات سياسية وإنسانية واقتصادية متراكمة.
المفارقة بحسب تقرير لتلفزيون سوريا أن التأجيل شمل مدناً تحت سيطرة الحكومة مثل تل أبيض ورأس العين، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان القرار أمنيًا بالفعل أم سياسيًا في جوهره. وكان رئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع قد أصدر قبل أيام مرسوماً يحدد عدد أعضاء مجلس الشعب بـ210 مع بيان شروط العضوية، غير أن اللجنة العليا أعلنت إرجاء الانتخابات في الرقة والحسكة والسويداء بسبب عدم توافر الظروف الأمنية الملائمة.
استبعاد مدن خاضعة للسيطرة الحكومية أثار انتقادات واسعة، إذ اعتبر السكان أن القرار يعكس توجهاً سياسياً يكرّس إقصاء المنطقة الشرقية من المشاركة الوطنية. وعقدت اللجنة العليا اجتماعًا مع شخصيات سياسية واجتماعية ودينية من محافظة الحسكة، حيث أشار الحاضرون إلى أن محافظة دير الزور، رغم أن أكثر من نصف مساحتها خارج سيطرة الحكومة، ستجري فيها الانتخابات، بينما لن تُجرى في الحسكة.
يرى بعض الأهالي أن الذريعة الأمنية غير مقنعة، إذ تقول أصوات محلية مثل المحامي صدّام الحلو إن التأجيل يبعث رسالة مفادها أن مستقبلهم ليس بأيديهم، ما يفتح المجال أمام قوى أخرى لملء الفراغ. ويشير السكان إلى أن محافظتي الرقة والحسكة تعيشان حالة حصار سياسي مزدوج، حيث تمنع “قسد” النشاط الانتخابي خارج مناطق سيطرتها، بينما تؤجّل الحكومة الانتخابات لأسباب أمنية، ما يترك المواطنين بلا صوت.
ويعكس القرار حالة تهميش متراكمة، إذ أن منطقتي الرقة والحسكة تعانيان منذ سنوات من دمار البنى التحتية ونقص الخدمات وانقطاع المياه والكهرباء، ويأمل البعض أن تشكل المشاركة في الانتخابات خطوة لإعادة ربطهم بمؤسسات الدولة، لكن القرار عزز شعورهم بالإقصاء.
ويشير خبراء سياسيون إلى أن استمرار استبعاد المنطقة الشرقية من العملية السياسية قد يفاقم شعور العزلة ويفتح الباب أمام قوى محلية وخارجية لملء الفراغ، ما قد يضعف وحدة النسيج الوطني على المدى الطويل. ويقترح البعض البحث عن آليات مرنة لمشاركة السكان، حتى في المدن الخاضعة للسيطرة الحكومية، لترميم الثقة بين الدولة والمجتمع.
مقارنة بالسويداء، التي شملها أيضاً قرار التأجيل ظروفها تختلف، فالمحافظة الجنوبية تشهد أحداث وتتطورات متسارعة تجعل أي عملية انتخابية شبه مستحيلة عملياً، فإن الرقة والحسكة يمكن فتح صناديق اقتراع لها في دمشق أو في المدن الخاضعة لسيطرة الدولة ما يجعل غياب الانتخابات فيها أقل منطقية ويؤكد ضرورة إيجاد حلول خاصة لكل محافظة.
اقرأ أيضاً:اللجنة العليا للانتخابات تعلن توزيع مقاعد مجلس الشعب وشروط الترشح للانتخابات