هل تعيد التسوية في أوكرانيا رسم خارطة النفوذ الروسي في سوريا؟ وماذا عن الدور إيران وحزب الله؟

يبدو أن سوريا تعود إلى واجهة الاهتمام الروسي مجددًا، وسط التحولات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة، وخاصةً بعد بدء الحديث عن تسوية محتملة بين روسيا وأوكرانيا. وفي هذا السياق، تبرز تساؤلات حول مستقبل النفوذ الروسي في سوريا، واحتمالات إعادة التموضع العسكري والسياسي لموسكو، وتأثير ذلك على دور إيران وحزب الله، وسط توازنات جديدة ترسمها التسويات الدولية والإقليمية.

أهمية سوريا في الاستراتيجية الروسية:

يقول موقع “الحل نت” إنه منذ الحقبة السوفيتية، شكلت سوريا مركزًا مهمًا في الحسابات الجيوسياسية الروسية، كونها بوابة موسكو إلى المياه الدافئة في البحر المتوسط.
ويضيف: ومع انفراد الولايات المتحدة بالنظام العالمي، تسعى روسيا إلى تأكيد موقعها كقوة عظمى منافسة، وسوريا باتت اليوم منصة إعادة تموضع استراتيجي روسي، خاصةً في ظل تطورات الحرب الأوكرانية والضغوط الغربية المتزايدة.

هل تعني عودة روسيا إلى سوريا عودة إيران أيضًا؟

بحسب موقع “الحل” فإن المعطيات السياسية تؤكد أن إيران ستكون شريكًا أساسيًا في أي عودة روسية قوية إلى سوريا، لعدة اعتبارات:

1- إيران كانت الداعم الأول لدخول روسيا إلى سوريا في عام 2015.

2- تحالف موسكو وطهران قائم على معاداة النفوذ الغربي، لا سيما في الشرق الأوسط.

3- لدى إيران طموحات اقتصادية وجيوسياسية في سوريا، مثل مشروع خط الغاز الإسلامي أو الفارسي وتوسيع النفوذ في محور المقاومة.

4- إيران ترى في سوريا حلقة مركزية لتأمين خطوط الدعم إلى حزب الله اللبناني.

في المقابل، تبقى العلاقة بين روسيا وتركيا متوترة رغم التفاهمات الموضعية، ما يجعل موسكو تُفضّل التعامل مع إيران كشريك استراتيجي أكثر موثوقية.

التحركات السياسية الإيرانية ودور حزب الله في المعادلة:

يشير موقع “الحل نت” إلى أن التحركات الأخيرة، مثل زيارة علي لاريجاني إلى العراق، تعكس رغبة إيران في تعزيز حضورها الإقليمي من جديد، بما في ذلك سوريا ولبنان. ويعزز هذا المشهد أيضًا عودة حزب الله إلى التأثير الميداني، في ظل رفضه القاطع لنزع السلاح، مما يثير مخاوف من انزلاق لبنان إلى مواجهة داخلية قد تنعكس على الساحة السورية.

كلُّ هذه المؤشّراتِ توحي بعودةٍ إيرانيّةٍ مرتقبةٍ في المنطقةِ العربيّة، وستؤدّي العودةُ الإيرانيّةُ إلى دخولِ حزبِ الله مرّةً أخرى إلى معادلةِ القوّة

موقف الشرع من حزب الله والعودة الإيرانية:

رغم العلاقة المعقدة بين حزب الله وسوريا، أشار الإعلامي اللبناني نديم قطيش إلى أن الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع يسعى لتجنّب الصدام المباشر مع الحزب، ويفضل فتح صفحة جديدة، واصفًا أي مواجهة بأنها “فخ لسوريا ولبنان معًا”.

وتحدث “الحل نت” عن وجود ضغوط دولية تسعى إلى جرِّ الشرع إلى الدخولِ في حربٍ مع حزب الله، خاصة مع التسريبات عن اتفاقية محتملة مع “إسرائيل” تتضمن بندًا سريًا لتحجيم دور حزب الله، رغم نفي الخارجية السورية لذلك.

تأثير التسوية الروسية الأوكرانية على سوريا:

يشير الموقع إلى أن أي تسوية بين موسكو وكييف قد تنعكس مباشرة على الوجود الروسي في سوريا، من خلال:

1- إعادة توزيع القوات الروسية بين الجبهات المختلفة.

2- استخدام الملف السوري كورقة تفاوض مع الغرب.

ويقول إن انشغالَ روسيا بالحربِ في أوكرانيا قد أثّر بالفعل على وجودها العسكري في سوريا، حيث تمّ سحبُ بعضِ القواتِ والمعدات. في حالِ التوصّلِ إلى تسويةٍ في أوكرانيا، قد تقرّر روسيا إعادةَ تموضعِ قواتِها في سوريا، إمّا لتعزيزِ وجودها أو لتخفيفهِ، حسب الأهدافِ الاستراتيجيةِ الجديدة.

ومع ذلك، يبقى الوجود العسكري الروسي في الساحل السوري، وخصوصًا في قاعدتي طرطوس وحميميم، حجر الزاوية في استراتيجية موسكو بالمنطقة. ومن غير المرجّح أن تتخلى روسيا عن هذه النقاط الاستراتيجية، لكنها قد تُعيد تموضعها بما يتناسب مع أولوياتها الجديدة.

هل يمكن للشرع الاعتماد على القوة العسكرية وحدها؟

القوة العسكرية السورية، التي تُقدّر بنحو 30 ألف مقاتل موالٍ للشرع، لا تكفي وحدها لمواجهة تحديات مثل النفوذ الإيراني أو تدخلات حزب الله. فالحل يكمن في تسوية سياسية شاملة تراعي:

1- حل الخلافات مع قوات سوريا الديمقراطية (قسد).

2- معالجة التوترات في السويداء والساحل.

3- توسيع التمثيل السياسي ودمج القوى الوطنية المختلفة في إطار الدولة.

مثل هذه الخطوات تعزز شرعية النظام الجديد وتقلل من اعتماده على الحلفاء الخارجيين، كما تفتح المجال للحصول على دعم دولي وإقليمي أوسع، من الولايات المتحدة ودول عربية ترغب في استقرار سوريا.

سوريا على مفترق طرق بين موسكو وطهران:

بين التفاهم الروسي الإيراني المتجدد والتنافس الروسي التركي المستمر، تقف سوريا اليوم أمام مرحلة إعادة تموضع استراتيجي قد تغيّر ملامح النفوذ في المنطقة. ويبدو أن خيارات الشرع محكومة بالتوازن بين الداخل والخارج، وبين القوة والسياسة، وسط صراع إقليمي يتجدد على أرضٍ لم تهدأ منذ أكثر من عقد.

إقرأ أيضاً: دمشق تتحرك لتقريب العلويين: وساطة روسية وزيارة البطريرك تفتح الباب أمام المصالحة

إقرأ أيضاً: ما أهداف روسيا من تعزيز وجودها في مطار القامشلي شمال شرق سوريا؟

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.