تنشر وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك تقارير مستمرة حول حجم الضبوط التموينية التي تنظمها بشكلٍ دوري في مختلف المحافظات، وتشمل مخالفات مثل الاحتكار والتلاعب بالأسعار والتهريب والغش وغيرها، وقد بلغ إجمالي هذه الضبوط أكثر من 1.5 مليار ليرة سورية منذ بداية شهر آب.
ومن غير الواضح ما إذا كانت هذه الأرقام تعكس نجاح الوزارة في مكافحة المخالفات التموينية، أم أنها تدل على استمرارية هذه المخالفات رغم الغرامات الباهظة، في حين أنها لم تُظهر أي تأثير على الوضع المعيشي للمواطنين في ظل ارتفاع الأسعار المستمر وتراجع قيمة العملة.
وإذا نظرنا إلى تفاصيل الضبوط التي نظّمتها الوزارة هذا الشهر، نجد أن أكبر حصة منها كانت في محافظة حماة، حيث بلغت قيمتها 896.5 مليون ليرة، تلاها محافظة اللاذقية بـ 309 مليون ليرة، ثم محافظة ريف دمشق بـ 107 مليون ليرة، ومحافظة حلب بـ 81 مليون ليرة، ومحافظة حمص بـ 63.4 مليون ليرة، ومحافظة دير الزور بـ 31 مليون ليرة، وأخيراً محافظتا دمشق وطرطوس بـ 11.4 مليون ليرة و7.6 مليون ليرة على التوالي.
تعدد الأسباب
عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق “محمد الحلاق” اعتبر في حديثه لـ “داما بوست” أنه كلما ازدادت الغرامات فهذا يعني وجود مشكلة إما بالقانون الذي يتم تطبيقه، أو بمن يطبق ذلك القانون، أو بمن يتم تطبيق القانون عليه، أو بتلك الحلقات الثلاثة جميعها، مبيناً أن وجود غرامات بهذه الارقام هو ظاهرة سلبية من المفترض عدم وجودها.
ورأى “الحلاق” أن المرسوم رقم /8/ المتعلق بحماية المستهلك غير منصف لأصحاب المهن، فضلاً عن كونه يلزم التجار والمستوردين بهامش ربح 5 أو 6 في المئة، يكون المستورد قد دفعها مسبقاً للجمارك، مما يجبر جميع وسطاء الحلقة التجارية على رفع أسعارهم كي يحصّلون الربح، فيتم بذلك اعتبارهم مخالفين للقانون ويتم تغريمهم بأرقام كبيرة.
ولفت “الحلاق” إلى أن الهوامش الربحية المحددة لا يمكن تطبيقها، خاصةً في ظل ارتفاع أسعار المحروقات ومصاريف البيع والتوزيع، معتبراً أنه في ظل وجود رواتب منخفضة وغرامات مرتفعة لا يمكن الحصول على نتائج سليمة فيما يتعلق بتطبيق القانون، الذي شدد على ضرورة وجود التشريعات السليمة لتطبيقه.
وتساءل “الحلاق” قائلاً.. “لماذا وجود الغرامات؟ هل هذه الغرامات يتم تحصيلها في دول أخرى أيضاً من خلال معوّقات تم وضعها قصداً؟ المفروض أن يتم دراسة هذه الحالة حتى نصل إلى مرحلة نتخلص فيها من قضية المخالفات والغرامات الكبيرة المترتبة عليها”.
وأشار عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق إلى أن وجود المخالفات مرتبط بوجود سعرين للمادة، خاصةً في حال ارتباطها بالقطاعين الخاص والحكومي، وذلك ما لم يكن هناك ضوابط قابلة للتطبيق وتحقق ربحية جيدة بالنسبة لممارس المهنة.
ضبوط تموينية متكررة!
وتعتبر الضبوط التموينية والغرامات أمر متكرر الحصول بشكلٍ شبه يومي في الأسواق السورية، ولو تفاوتت الأرقام بناءً على نسبية تطبيق القانون والرقابة على الأسواق في كل محافظة، وعلى حجم تلك الضبوط ومدى مخالفتها لبنود المرسوم رقم /8/ الخاص بحماية المستهلك، أو على نوع المخالفة نفسها.
ورغم أن الضبوط التموينية تعتبر إجراءات ردعية تهدف إلى حماية المستهلك من الاستغلال والجشع، إلا أنها لم تحل المشكلة من جذورها، والتي تكمن في عدم توفر السلع بالكميات والأسعار المناسبة للطلب، وفي انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين بسبب التضخم والتراجع النقدي.