إعادة إحياء مشروع مترو دمشق: طموح استثماري يثير الجدل حول الأولويات
أثار إعلان محافظة دمشق في المنتدى الاستثماري السعودي عن رغبة الحكومة الانتقالية في سوريا بإعادة إحياء مشروع مترو دمشق الكثير من التساؤلات حول جدية هذا الطرح. يعود السبب في ذلك إلى أن مشروع مترو دمشق هو فكرة قديمة جدًا تتجدد طرحها كل فترة زمنية دون أدنى تنفيذ على أرض الواقع.
و من وجهة نظر محافظة دمشق حاليًا ووفق ما طرحته، فإن مشروع مترو دمشق سيكون بطول 17 كيلومترًا ويضم 17 محطة استثمارية تشمل مطاعم ومقاهي وأسواقًا ترفيهية، بقيمة استثمارية تصل إلى ملياري دولار.
من جهته، يرى وزير النقل في الحكومة الإنتقالية في سوريا أن مشروع مترو دمشق يشكل أولوية في خطط الوزارة الرامية إلى تخفيف الازدحام المروري وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وفي 16 يوليو 2025، بحث وزير النقل ومحافظ دمشق مع وفد من الشركة الوطنية الإماراتية للاستثمار آفاق التعاون في المشروع بوصفه أحد المشروعات الاستراتيجية الحيوية لتطوير منظومة النقل العام في العاصمة.
أكد الوزير حينها أهمية الشراكة مع الشركات ذات الخبرة الإقليمية والدولية مثل الشركة الوطنية للاستثمار، لتنفيذ المشروع وفق أعلى المعايير الفنية والاقتصادية.
وناقش الوزير مع الشركة الخطوط المقترحة للمترو، وآليات التمويل والتنفيذ، إضافة إلى الإطارين القانوني والإداري الناظمين للمشروع، وسبل تقديم التسهيلات اللازمة للشركاء المحتملين.
وعبّر أعضاء وفد الشركة الإماراتية عن اهتمامهم البالغ بالمساهمة في تنفيذ مشروع مترو دمشق، معلنين استعدادهم لتقديم دراسة جدوى متكاملة تشمل الجوانب الفنية والتمويلية، تمهيدًا للانتقال إلى مراحل متقدمة من التعاون مع الحكومة السورية.
لكن التساؤلات الأولى التي طُرحت حول المشروع هي: هل دمشق بحاجة فعلية إلى هذا المشروع الآن، أم أنها بحاجة إلى مشروعات استثمارية إنتاجية أكثر فاعلية في اقتصاد المدينة؟ وماذا لو تم تحويل هذه الـ2 مليار دولار لإعادة إعمار محيط مدينة دمشق المدمر، كالقابون وحرستا، أو ريفها المدمر كغالبية مدن وقرى الغوطتين الغربية والشرقية، ودفع بهما إلى الحياة الاقتصادية والاجتماعية مجددًا؟
التالي، توجهت التساؤلات عن أولويات محافظة دمشق في المسألة الاستثمارية، وإن كانت بالفعل الأولوية اليوم لمشروع مترو بدلًا من مشروعات أخرى بديلة.
كما تثار تساؤلات كثيرة حول قدرة هذا المشروع على حل مشكلة المواصلات في المدينة، خاصة وأن هذه المشكلة مرتبطة بالدرجة الأولى بالكثافة السكانية في المدينة الناتجة عن النزوح الداخلي لغالبية سكان المحافظات إليها بسبب تركز فرص العمل فيها، مقابل ضيق مساحتها الجغرافية القادرة على استيعاب السكان والوافدين إليها. وبالتالي، فإن جوهر مشكلة النقل فيها هو تنموي أساسًا.
ويبقى التساؤل الأكثر جدية حول هذا المشروع هو إن كان سيرى النور فعلًا أم أنه سيبقى حبرًا على ورق ومجرد تصريحات استثمارية لا أكثر، وكم من السنوات يحتاج ليرى النور؟
إقرأ أيضاً: الاقتصاد السوري: تفاهمات بمليارات الدولارات.. متى تتحول إلى واقع؟
إقرأ أيضاً: تفاهم سوري-سعودي لدعم قطاع الإسكان ضمن المنتدى الاستثماري المشترك