داما بوست – مارينا منصور | لا بد أنك سمعت عن “الحبة السودا والحمرا” التي يجب أن تأخذها وقت “الكريب”، أو الدواء السحري الذي يزيل مختلف الأوجاع و”المجرّب” على ضمانة المتحدث، أو وصفة الأعشاب المفيدة لتسكين الآلام التي استعملتها “جارتكن بالحارة”.
مجموعة النصائح هذه تأتي من أشخاص غير خبراء، فالعديد منهم يتحدث بناءً على تجربته أو تجربة سمعها من أحد، وهذا ليس معياراً لاعتماد النصيحة.
نصائح المجرّب
يلجأ العديد من المرضى إلى تعميم تجاربهم على من حولهم، فعندما يشخّص الطبيب حالتهم، ويخبرهم أكثر عن المرض وطريقة التعامل معه، يعطون بدورهم النصائح ذاتها للأشخاص الذين يعانون من نفس الأعراض، ويشخّصون لهم المرض بدلاً من الطبيب المختص ويستخدمون جملة “اسأل مجرّب ولا تسأل طبيب”، وللأسف هذه الظاهرة منتشرة بشدة وعواقبها كارثية!
فما ينطبق على حالة لا ينطبق على غيرها، ومن الممكن أن ينصح أحدهم مريضاً بأخذ دواء قد يتداخل مع حالته الصحية أو مع أدوية أخرى يأخذها، مما يؤدي لحدوث مضاعفات تؤثر على صحة المريض، فالحل الأفضل أولاً وأخيراً هو مراجعة الطبيب المختص، ليسمع القصة السريرية من المريض والأعراض والأمراض الأخرى الموجودة والأدوية التي يتناولها، فيشخّص الحالة تشخيصاً دقيقاً ويكتب له دواءً مناسباً لحالته ويتابع معه العلاج حتى التعافي، وإذا لم تكن الحالة المادية تسمح بزيارة الطبيب فمن الممكن اللجوء إلى الصيدلاني الذي يعتبر مرجعاً في الأدوية، ليؤكد لك إمكانية أخذ هذا الدواء حسب حالتك بشكل خاص، والقواعد المناسبة لأخذه حتى تضمن الاستفادة الكاملة منه.
وأيضاً قد تؤثر النصائح السلبية على المريض، إذ يقوم البعض لدى رؤية وصفة المريض التي كتبها الطبيب بإلقاء عبارات مثل “هدا الدوا أخدتو وما استفدت شي” أو “هدا الدوا ما بيفيد جرّب هي الوصفة جرّبتا ونفعت معي” أو “هدا الدوا بيسبب كتير مشاكل بلالك ياه”، والحقيقة أن الكلمة الفصل في هذا الموضوع للطبيب فقط، وعدم استفادة شخص من الدواء لا يعني أن جميع المرضى لن يحققوا استفادة منه، بل قد يكون ذلك الشخص لم يتّبع القواعد الصحيحة لأخذ الدواء، أو أنه غير مناسب لحالته المرضيّة، وتجريب وصفات أخرى لا يشكل بديلاً لأخذ الدواء على الإطلاق، قد تكون هذه الوصفات مساعدة لتعزيز صحته والوصول إلى الشفاء بوقت أسرع لكنها غير كافية لوحدها أبداً، وإن المشاكل التي يحدثها دواء ما هي أعراض جانبية محتملة، أو قد تكون حدثت للشخص بناءً على تعارض مع حالته الصحية أو مع دواء آخر في حال لم يخبر طبيبه في أثناء الفحص عن جميع الأدوية التي يتناولها أو الأمراض التي يشكو منها.
هذه العبارات تقود المريض إلى فقدان الثقة بتشخيص الطبيب والدواء الموصوف وامتناعه عن إكمال العلاج، ما ينعكس سلباً على صحته، أو قد تؤدي إلى تأثير نفسي عليه يجعله يصدق بأن هذا الدواء لا يفيده فعلاً، وبالتالي لا تتحقق الاستفادة المرجوّة من الدواء بسبب الحالة النفسية للمريض، وهذا الأمر حقيقي.
بلا المجربين..منسأل “غوغل”!
لا تلجأوا إلى البحث على “غوغل” حول الأعراض والأمراض لأن الأمر كبير ومتشعّب وغير موثوق، فهناك دراسات أكدت أن بعض الأشخاص لدى قراءتهم أعراضاً معينة يشعرون بوجودها وبأنها تمثلهم ويشخّصون أنفسهم بالمرض بناءً على ذلك، ويبدأون بأخذ الدواء دون إشراف ومراقبة الطبيب، وهذا الأمر خطير جداً، فالأدوية بالنهاية هي عقاقير ومواد كيميائية يجب أن تعطى بجرعات مدروسة للغاية وأن تكون مناسبة للمرض وفائدتها تفوق أضرارها لكي توصف.
كما أن المعلومات الموجودة عبر “غوغل” ليست موثوقة بالكامل، ولا تعتبر مصدراً، بل إن المصدر الأساسي والرئيس هو الطبيب أو الصيدلاني، وحتى لو قام المريض بالبحث على المواقع العلمية الموثوقة، لن يستطيع ضمن المعلومات الهائلة والمتشعبة أن يشخّص مرضاً ويفهم الخلفية العلمية والصحية للموضوع بالكامل، وحتى لو تم هذا الأمر لن يستطيع معرفة الدواء المناسب لحالته بالذات.
في النهاية يجب الحرص على صحتنا ما أمكن، وعدم الانجرار وراء الخرافات والأقوال التي لا تكون من أشخاص على دراية واطّلاع واختصاص بالمواضيع الطبية، وهذا الأمر مهم ليكون لدى الناس وعياً طبياً ومعرفياً ولا يخلطون الحالات والأمراض لأن الموضوع قد يقود بالفعل للوفاة.