مزارعو الفستق السوري يواجهون تحديات الجفاف والحشرات

في شرفة منزله بمدينة خان شيخون جنوب محافظة إدلب، جلس عماد سرميني، المعروف باسم أبو عبدو، وهو يراقب حقله المزدهر بأشجار الفستق التي تحمل عناقيد الثمار، محاولاً الاسترخاء بعد موسم طويل من العمل الشاق. يقول أبو عبدو: “لم ولن أتخل عن أرضي”، في إشارة إلى تمسكه بأرضه طوال سنوات الحرب، رغم الظروف الصعبة التي فرضتها المواجهات ووجود نقاط التفتيش وميليشيات مسلحة في المنطقة.

وعلى الرغم من أنه سمح لأولاده بالسفر والعمل والدراسة في دول أخرى، بقي أبو عبدو في أرضه ليزرع الفستق الذي يعتبره “كنزاً”. ومع تحسن الأوضاع بعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024، أصبحت حركة النقل إلى الأسواق الكبرى أكثر سهولة، ما أتاح للفلاحين الوصول إلى الأسواق في دمشق وحلب وغيرها.

تحديات المناخ والحشرات

غير أن العام الحالي جاء مختلفاً، إذ أثر الجفاف بشكل كبير على محصول الفستق، ما تسبب في انخفاض الإنتاجية. وفي أسواق حلب، يشير المشرف عبد الباسط دليل إلى تراجع المبيعات مقارنة بالعام الماضي، مع ثبات سعر الكيلو عند نحو ستة دولارات، رغم إمكانية الحصول على أسعار أعلى في الأسواق الخارجية تتراوح بين 20 و30 دولاراً للكيلو.

ويواجه الفلاحون أيضاً انتشار الحشرات، أبرزها خنفساء التين الكبيرة وحشرات القشور البيضاء، التي تسببت في خسارة نحو 20-30% من الإنتاج، بحسب أحد التجار والمزارعين. وتتكاثر خنفساء التين بين نيسان وآب، وتدخل في مرحلة سبات شتوية قبل أن تضع بيضها على جذوع وأغصان الأشجار، ما يؤدي إلى تلف الأشجار وجذورها.

ويقول المزارع محمد سعيد من مدينة صوران بريف حماة: “تضررت أشجار الفستق بشكل بالغ بسبب الجفاف، كما ازداد انتشار الحشرات أثناء غياب الفلاحين عن أراضيهم خلال حكم النظام السابق”.

تقديرات الإنتاج وفرص التصدير

من جانبه، قدم محمد قشطو، رئيس اتحاد غرفة الزراعة السورية، تقديرات مطمئنة للمزارعين، موضحاً أن محصول الفستق يخضع لدورة حمل بالتناوب، ما يعني إنتاج محصول وفير في سنة، يليه محصول أقل في السنة التالية. وأضاف أن الفترة الحالية قد تشهد زيادة إنتاج تصل إلى 50-55%، مع استمرار موسم الحصاد حتى منتصف أيلول.

ويشير قشطو إلى أهمية الفستق الحلبي للاقتصاد السوري، كونه يدخل في الصناعات الغذائية والحلويات، كما يزرع بشكل رئيسي في الريف الشمالي لحماة والريف الجنوبي لإدلب، وريف حلب، مع وجود مساحات أصغر في حمص والسويداء، وفقاً للظروف المناخية المناسبة.

الفستق السوري: تاريخ عريق وقيمة اقتصادية

يُعد الفستق الحلبي من أهم أشجار حوض البحر المتوسط، ويزرع في سوريا منذ آلاف السنين، خصوصاً في محافظات حلب وحماة وإدلب. وقد وصل الفستق إلى أوروبا في القرن الأول الميلادي على يد الرومان، بعد أن نقلوه من سوريا.

ويُعرف الفستق الحلبي بقيمته الاقتصادية الكبيرة، إذ يشكل شريان حياة للفلاحين والمجتمعات الريفية من خلال التصدير، ويحقق عائدات بالعملة الصعبة. كما يستخدم الفستق على نطاق واسع في الصناعات الغذائية والحلويات، ويتميز بفوائد صحية عالية، مما يجعله مكوناً مهماً في بعض الأدوية التقليدية.

تحديات المستقبل

رغم التحسن النسبي في الوضع الأمني والتسهيلات الجديدة في النقل، يبقى الفلاحون متخوفين من تكرار خسائر الإنتاج بسبب استمرار الجفاف، فضلاً عن ارتفاع تكاليف الأسمدة والكهرباء والوقود، ما يفرض تحديات كبيرة على استمرار زراعة “الذهب الأحمر” السوري وحماية دوره الاقتصادي والاجتماعي.

اقرأ أيضاً:وزير الزراعة السوري: استيراد زيت الزيتون خيار مطروح في حال ارتفاع الأسعار محلياً

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.