داما بوست _ كاترين الطاس | “العالم العربي يسخر منا”.. هكذا كان تعليق الإعلام العبري على الهجوم الإسرائيلي على إيران فجر اليوم، بعد إطلاقه جملة من التهديدات خلال حوالي الشهر بأن هجومه سيكون مدمراً وغير مسبوق رداً على الهجوم الصاروخي الذي شنته طهران عندما أطلقت حوالي 200 صاروخ مستهدفة 3 قواعد جوية إسرائيلية، ليكون رده اليوم ضعيفاً..
وهذا كان رأي العديد من المحللين والمراقبين بأن الهجمات الإسرائيلية لم تكن موسعة، بغية عدم دفع الجانب الإيراني إلى الرد أيضاً، فلم يطل أي من المنشآت النفطية أو النووية في الداخل الإيراني، مقتصراً على بعض المواقع العسكرية المحدودة في طهران وعيلام والأهواز، ونجحت الدفاعات الجوية في التصدي لها.
وحفاظاً على ماء وجهها ولتضخيم ردها الضعيف.. حاولت “إسرائيل” أن تبالغ في نقل الخبر، فقد أفادت بأن أكثر من 100 طائرة شاركت في الهجمات التي طالت نحو 20 موقعاً في إيران، ومنها منشآت لصنع الصواريخ، وبطاريات صواريخ أرض-جو وأنظمة جوية أخرى.
ولكن؛ مصدر إيراني نفى مزاعم “إسرائيل”، مؤكداً أن عدد الضربات أقل من 20 بكثير، وأنها لم تطل موقعاً عسكرياً للحرس الثوري، لافتاً إلى أن الهجمات الإسرائيلية تمت من خارج الأجواء الإيرانية، في إشارة إلى أن الطائرات الإسرائيلية لم تخترق أجواء البلاد.
بدوره، نشر الإعلام الإيراني عدة مقاطع فيديو تثبت سير الحياة بشكلٍ طبيعي وكالمعتاد، لتوضح مدى هشاشة الهجوم الإسرائيلي، مؤكداً أن الكيان لا يصلح إلا للكلام والتوعد فقط..
الكاتب والباحث السياسي “مهند الحاج علي” أكد في حديث خاص لـ “داما بوست” بأن الرد الإسرائيلي كان بائس وضعيف عكس كل ما تحدث عنه المسؤولين الإسرائيليين، الذين كان يتوعدون إيران برد حاسم وكبير وموجع ورادع.
وقال الباحث: “جرى فجر اليوم عدوان مركب على كل من سوريا وإيران، ففي سوريا استهدفوا المنطقة الجنوبية والوسطى، حيث تم استهداف نقاط الدفاع الجوي ونقاط الرادار في المنطقة الجنوبية للجيش العربي السوري في محاولة لإعماء أعين سوريا عن أي تحركات إسرائيلية ضد إيران، وكون المسافة قريبة جداً بين سوريا وفلسطين المحتلة فمن الطبيعي جداً أن تقوم الرادارات السورية بإنذار القوات الإيرانية عن بدء الهجوم.”
وتابع: “كما زعم الجانب الإسرائيلي أنه استهدف 3 مناطق في إيران تحوي على 20 هدفاً منتجة للصواريخ البالستية والفرط صوتية التي ضُرِبَ بها الكيان في عملية الوعد الصادق 2، ولكن ما حدث على أرض الواقع أن هذا الهجوم فشل فشلاً عسكرياً كبيراً، كون أن الدفاعات السورية قد استطاعت أن تصد 80% من الصواريخ التي أطلقت عليها، كما استطاعت الدفاعات الإيرانية أن تصد ما يقارب 95% من الصواريخ التي أطلقت عليها، وبالتالي هذه الهجمة لم تحقق أياً من غاياتها.”
وأكمل حديثه: “والسبب الأساسي في ذلك أن أمريكا نتيجة التهديدات الإيرانية الواضحة والصريحة لم تقدم أي دعم للكيان الصهيوني كدعم لوجستي لسلاح الجو لتنفيذ ضربات أقوى وأعمق داخل إيران،” لافتاً إلى أن الجانب الإسرائيلي يبدو أنه قد اكتفى بهذا الرد لأنه يعي تماماً أنه غير قادر على حماية نفسه بدون أمريكا، وخاصة أنها لم تزوده منذ شهر حتى الآن سوى بالوسائل الدفاعية، أي منظومة ثاد للدفاع الجوي وطائرات رابتور 22 والتي يعتمد عليها الآن لإسقاط الصواريخ البالستية والمسيرات فقط، ولم تزوده بوسائل للتزود بالوقود جواً أو صواريخ حديثة قادرة على إحداث ضرراً كبيراً خوفاً من الرد الإيراني القادم لا محالة على هذا الاعتداء.
وأضاف الباحث: “أعتقد أن فشل هذا الهجوم سيترك آثاراً سلبية كبيرة في الداخل الإسرائيلي، وسيزيد من فقدان الثقة بين المستوطنين وحكومتهم وجيشهم، وبالتالي سيقوي موقف المعارضة الإسرائيلية أكثر والتي سوف تنتهز هذه الفرصة للانقضاض على نتنياهو وحكومته، وستتهمه بالضعف والعجز أمام إيران، لأن هذا الهجوم لم ينجح أبداً باستعادة منظمة الردع التي أسقطتها إيران في عملية الوعد الصادق 2.”
وأكد الباحث أن الرد الإيراني قادم لا محالة على هذا الاعتداء، ولكن أعتقد أن إيران كما عودتنا أنها دولة تلتزم بالمواثيق الدولية ستلجأ لمجلس الأمن في البداية لإدانة هذا العدوان، وإذا فشل كعادته سيكون الرد عسكرياً ويساوي 10 أضعاف العدوان الإسرائيلي كما تعهدت القيادات العسكرية الإيرانية، ولكن ضمن إطار خدمة الأهداف الاستراتيجية لعملية طوفان الأقصى، أي أن يكون الرد ذو طبيعة داعمة لعملية طوفان الأقصى ولا يقدم في نفس الوقت الفرصة للكيان للذهاب إلى الحرب المفتوحة التي يبحث عنها.
اقرأ أيضاً: باحث سياسي لـ”داما بوست”: دماء السيد نصر الله ستتحول إلى لعنة تطارد “إسرائيل” حتى زوالها