“يوميات مدير عام”: أيقونة الكوميديا الهادفة التي فككت البيروقراطية

يُعد مسلسل “يوميات مدير عام”، بتركيزه على النقد الاجتماعي الساخر، علامة فارقة في تاريخ الدراما السورية.

العمل الذي عُرضت نسخته الأصلية عام 1995، من إخراج الراحل هشام شربتجي وتأليف زيناتي قدسية، قدّم نموذجاً فريداً للكوميديا الهادفة.

حيث تحوّل إلى مرآة تكشف عيوب الإدارة والفساد البيروقراطي بأسلوب مضحك وذكي.

الفكرة العبقرية.. وصوت المواطن المُتخفّي

تدور فكرة المسلسل حول الدكتور أحمد عبد الحق (النجم الكبير أيمن زيدان)، المدير العام لإحدى المؤسسات الحكومية.

و الذي قرر التنكر بملابس وشخصيات مختلفة (من عامل نظافة إلى مواطن عادي) للنزول سراً إلى أرض الواقع ومراقبة سير العمل وكشف مظاهر الفساد والتقصير داخل مؤسسته وخارجها.

براعة أيمن زيدان: تمثلت قوة العمل في الأداء الاستثنائي لدريد لحام، الذي نجح في تقديم لوحة متكاملة من الشخصيات المتنكرة،

مما أضفى تنوعاً ثرياً على السرد وأتاح له فرصة نقد المجتمع من زوايا متعددة.

نقد لاذع: استطاع المسلسل معالجة قضايا اجتماعية وإدارية شائكة كانت مسكوتاً عنها.

مثل الرشوة، الإهمال الوظيفي، الروتين، وضعف الخدمات، وقدمها بغلاف فكاهي جعل النقد مقبولاً ومحبوباً لدى الجمهور

نظرة نقدية بناءة: حدود الميكانيزم السردي

على الرغم من القيمة الكبيرة لـ “يوميات مدير عام” كعمل مؤسس في الكوميديا الساخرة، فإن التحليل البناء يشير إلى بعض الملاحظات الهيكلية التي تفرضها طبيعة العمل:

نقاط القوة (كمرجعية فنية):

1- لأصالة والتوقيت: جاءت فكرة المسلسل في توقيت كان فيه النقد المباشر للفساد الإداري نادرًا، مما جعل المسلسل بمثابة صدمة إيجابية وضرورية للوعي العام.

2- الإخراج المتقن: نجح هشام شربتجي في ضبط إيقاع الكوميديا، مانعاً إياها من الانزلاق إلى التهريج، وحافظ على التوازن بين الرسالة الاجتماعية والترفيه.

نقد بناء (لهيكلية العمل):

1- تكرار الحلول: بما أن المسلسل بُني على حلقات منفصلة متصلة (Episodic)، فإن الإطار السردي (التنكر -كشف المشكلة -حلها) أصبح متوقعاً وقابلاً للتكرار على مدار الـ 30 حلقة.

هذا التكرار قلل أحياناً من عنصر المفاجأة وزاد من اعتماد العمل على مهارات التنكر للممثل بدلاً من تطور القصة.

2- تبسيط المشكلة: اضطرت ضرورة الحل في نهاية كل حلقة إلى تبسيط جذور الفساد في بعض الأحيان.

حيث يتم تحميل المسؤولية في الغالب على شخص واحد أو خطأ فردي، بدلاً من التعمق في الجذور الهيكلية والسياسية الأعمق للمشكلة

يبقى “يوميات مدير عام” نموذجاً يُحتذى به في قدرة الكوميديا على إحداث تأثير اجتماعي عميق، وشاهداً على ذروة تعاون فني بين دريد لحام والمخرج هشام شربتجي

 

إقرأ أيضاً:التغريبة الفلسطينية حين يصبح الفن مرآة للتاريخ.. مراجعة نقدية بناءة

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.