أزمة الطحين والخبز في السويداء: اتهامات متبادلة وحلول معلّقة

داما بوست -أسعد موسى

تشهد محافظة السويداء أزمة حادة في المواد الأساسية الغذائية والخدمية، وفي مقدمتها مادة الطحين، ما أدى إلى انقطاع الخبز عن المواطنين. الأزمة التي تتفاقم يومًا بعد يوم باتت عنوانًا لصراع التصريحات بين الحكومة والأهالي والتجار، في ظل غياب حل واضح حتى الآن.

من جهة، حمّل محافظ السويداء مصطفى بكور المسؤولية لـ”قوى موجودة في المحافظة تصادر قرارها”، معتبرًا أن هذه الجهات تعرقل وصول المواد. في المقابل، يرى الأهالي والتجار أن الحكومة السورية الانتقالية هي المسؤولة المباشرة، لأنها تقطع الطرق وتمنع وصول الطحين والمواد الغذائية، مما أدى إلى تفاقم الوضع المعيشي.

عقدة “الترصيد“:

أوضح أحد مدراء المخابز لشبكة “داما بوست” أن جوهر الأزمة يعود إلى آلية تُعرف بـ”الترصيد”، وهي إجراء مالي يقضي بإيداع مبلغ في بنك محدد ليُستخدم كرصيد مقابل استجرار مادة الطحين.

وأضاف أن التجار في السويداء كانوا يجرون هذه العملية بشكل طبيعي سابقًا، غير أن الأحداث الأخيرة غيّرت المعادلة، إذ اشترط المحافظ مصطفى بكور أن تتم عملية الترصيد في قرية المزرعة الخاضعة لسيطرة القوات الحكومية.

وأشار إلى أن انتقال التجار ومعهم مبالغ مالية كبيرة عبر طرق غير آمنة يجعلهم عرضة للاختطاف أو التشليح من قبل الفصائل المنفلتة، الأمر الذي يعقّد إنجاز العملية.

مقترحات مرفوضة:

أحد المعنيين بالتواصل مع المحافظ كشف لـ”داما بوست” أن مقترحًا طُرح لتأمين مرافقة الهلال الأحمر السوري – فرع السويداء للتجار أثناء تنقلهم، لكن المحافظ رفض لأسباب لم يوضحها. في المقابل، عرض بكور أن يُرسل وفدًا من دمشق يتولى مرافقة التجار من النقطة الأخيرة التي يمكنهم الوصول إليها وحتى مكان الترصيد. غير أن وجهاء وأهالي السويداء رفضوا هذا الطرح خشية أن يكون الوفد تابعًا للأمن العام، وأكدوا أنهم لا يريدون أي حماية قادمة من دمشق.

رواية أصحاب المخابز الخاصة:

في السياق نفسه، قال أحد مديري المخابز الخاصة المنتجة للخبز السياحي لـ”داما بوست” إن الموضوع لا يرتبط مباشرة بالحصص التموينية الحكومية، بل يعتمد على علاقة التجار فيما بينهم. وأضاف أنه تواصل مع تجار في دمشق يزوّدونه عادة بالطحين، فأخبروه أن الطريق مقطوع وأن قوات الأمن العام تمنع وصول المواد “لأسباب أمنية”، خصوصًا مع انتهاء المهلة الممنوحة لتلك القوات للانسحاب من القرى التي تتواجد فيها بتاريخ 25 أيلول/سبتمبر، وسط مخاوف من أي خلل أمني محتمل.

وأكد المدير أن مخبزه يعمل على مدار الساعة منذ يومين لتلبية احتياجات الناس بسبب انقطاع الخبز العادي، مشيرًا إلى أن المخصصات من الطحين الموجودة في المستودع ستنفد مساء الغد، وهو ما ينذر بأزمة قد تعقّد الوضع الإنساني في المحافظة.

وأفادت مصادر محلية في حديثها لـ”داما بوست” أن الشيخ حكمت الهجري أجرى اتصالات مع وسطاء دوليين، وحصل على وعود بأن تُحل أزمة الطحين خلال يوم أو يومين على أبعد تقدير، مشيرةً إلى أن المهلة الممنوحة لانسحاب قوات الأمن العام ستمدد حتى مطلع الشهر القادم.

بكور: أزمة الطحين مفتعله:

قال محافظ السويداء مصطفى بكور في تصريح سابق لقناة الإخبارية السورية إن أزمة الطحين في المحافظة لم تكن موجودة أساسًا وإنما “افتُعلت”. وأوضح أن المجال مفتوح أمام القوافل التجارية والتجار لإدخال الطحين إلى السويداء، مشددًا على ضرورة فصل الأمور الخدمية عن التوجهات السياسية.

وأضاف البكور أن أموال الطحين التي كانت موجودة في مطاحن المحافظة “صُرفت بشكل غير معلوم”، معتبرًا أن أزمة الطحين “مفتعلة لتغطية أمور أخرى ضمن المحافظة”. كما أكد أن الشرط الوحيد للحكومة من أجل إدخال المواد الغذائية إلى السويداء يتمثل في عدم الاحتكار أو التلاعب بالأسعار.

وبين تبادل الاتهامات، ورفض الحلول المطروحة، وتعقيدات الوضع الأمني، تبقى أزمة الطحين والخبز في السويداء بلا مخرج واضح حتى الآن، فيما يترقب الأهالي أي بوادر عملية قد تعيد إلى موائدهم أبسط مقومات الحياة اليومية: رغيف الخبز.

إقرأ أيضاً: وصول شحنة مساعدات محدودة إلى السويداء.. وخبز المدينة على وشك النفاد

إقرأ أيضاً: محافظ السويداء: جهات محلية متحكّمة وراء أزمة الطحين في السويداء

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.