أسعار العقارات في دمشق تتحدى المنطق: السوق مرتفعة رغم الركود
رغم مرور أكثر من عقد على الحرب السورية لا تزال العاصمة دمشق من بين أغلى مدن العالم في أسعار العقارات، حيث تتراوح أسعار الشقق والفيلات في أحياء مثل المالكي وأبو رمانة والمزة والميدان والزاهرة عند مستويات تتجاوز القدرة الشرائية لمعظم السكان، بحسب خبراء عقاريين.
قبل عام 2010، كانت دمشق تحتل المرتبة الثامنة عالميًا من حيث أسعار العقارات والمكاتب، وفق دراسة لمؤسسة “كوشمان وويكفيلد” المتخصصة. واليوم، وبالرغم من ظروف الحرب وتراجع الاقتصاد، فإن أسعار بعض العقارات في العاصمة السورية تقترب من أسعار الشقق في مدن أوروبية أو أسواق عقارية فارهة مثل دبي، كما تشير بيانات شركة “Jones Lang LaSalle Incorporated” العالمية ومنصة “Redfine” الأمريكية.
ويعزو الخبراء ارتفاع الأسعار لعدة عوامل، أبرزها ندرة المعروض العقاري بعد تدمير أحياء كاملة خلال الحرب، وارتفاع تكلفة مواد البناء والإكساء المستوردة، بالإضافة إلى قوة الطلب على المناطق الآمنة والمميزة جغرافيًا. الخبيرة العقارية فادية عبد النور أكدت أن الموقع الجغرافي وقيمة الأراضي يعتبران العامل الحاسم في تحديد سعر العقارات، بينما تكون تكلفة مواد البناء ثانوية نسبيًا.
من جهته، أوضح الدكتور أشرف دوابة، أستاذ التمويل والاقتصاد في جامعة “إسطنبول صباح الدين زعيم”، أن التدمير الذي طال مساكن عديدة خلق طلبًا على عقارات محدودة العرض، ما رفع الأسعار بشكل غير مباشر.
مبادرات تمويلية لدعم أصحاب الدخل المحدود
في إطار جهود تخفيف العبء عن الأسر ذات الدخل المحدود، أطلق مصرف سوريا المركزي نظامًا متكاملًا للتمويل العقاري بموجب القانون رقم 39، يهدف إلى توفير سكن مناسب للشباب والأسر الجديدة بأسس عملية ومستدامة. وأكد حاكم المصرف، عبد القادر حصرية، أن النظام يستند إلى تجارب دولية مثل كندا والدنمارك في بناء نماذج تمويل عقاري ناجحة.
مديرة هيئة الإشراف على التمويل العقاري، انتصار ياسين، أكدت أن الهيئة تعمل على تنظيم القطاع والإشراف على شركات التمويل، مع التركيز على توفير قنوات تمويلية متنوعة لأصحاب الدخول المحدودة، تشمل أدوات مثل “الإجارة المنتهية بالتمليك” وفوائد مخفضة، بالإضافة إلى إطلاق صندوق دعم التمويل العقاري في المستقبل القريب.
سوق عقاري راكد وأسعار ثابتة
بعد سقوط النظام السابق، شهدت دمشق وضواحيها ركودًا في عمليات البيع والشراء، بسبب توقف الدوائر الحكومية المسؤولة عن تسجيل ونقل الملكية، وتقلبات سعر صرف الدولار، ونقص السيولة بين الأفراد. ومع ذلك، يشير خبراء إلى أن أسعار العقارات لم تتأثر بشكل كبير وظلت ثابتة بالدولار الأمريكي، مع استثناء بعض الصفقات الاستثنائية.
وتشير فادية عبد النور إلى أن استمرار الطلب على أحياء محددة يرتبط بعادات السكان وعلاقاتهم مع أحيائهم، وهو ما يساهم في الحفاظ على أسعارها، بينما فإن المشاريع السكنية الجديدة التي تستهدف الطبقات المتوسطة أو الأعلى دخلًا قد تؤثر على أسعار العقارات الواقعة بمناطق مماثلة عند دخولها مرحلة التنفيذ.
اقرأ أيضاً:النيو ليرة السورية خطوة لإصلاح الاقتصاد أم فوضى نقدية جديدة؟