الشرع: لا يمكن نسخ “الاتفاقات الإبراهيمية” في الحالة السورية.. والأولوية لتصفير المشاكل

أكد رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع أن المرحلة الجديدة التي تعيشها سوريا تقوم على استراتيجية “تصفير المشاكل” ومعالجة الخلافات، مشددًا على أنه لا يمكن نسخ تجربة “الاتفاقات الإبراهيمية” في الحالة السورية، بالنظر إلى خصوصية الصراع مع “إسرائيل” ووجود أراضٍ سورية محتلة في الجولان.

وفي أول لقاء له مع وفد إعلامي عربي من وزراء سابقين ورؤساء تحرير في القصر الرئاسي بدمشق، تحدث الشرع بصراحة عن الملفات الكبرى التي تواجه سوريا، بما فيها العلاقات الإقليمية، مستقبل المفاوضات مع “قوات سوريا الديمقراطية”، أحداث السويداء، وقضية اللاجئين، إضافة إلى رؤيته للتحول الاقتصادي في البلاد.

إقرأ أيضاً: إسرائيل تثبّت نقاطًا عسكرية في رخلة: خطوة استراتيجية تهدد أمن دمشق وبيروت

لا اتفاقات مع “إسرائيل” قبل حل الجولان

ردًا على سؤال لمجلة “المجلة” حول احتمال انضمام سوريا إلى “الاتفاقات الإبراهيمية” بعد تلقي دعوة من البيت الأبيض، أوضح الشرع أن هذه التجربة “لا يمكن نقلها إلى الحالة السورية”، قائلًا: “الاتفاقات تمت بين إسرائيل ودول ليست مجاورة وليست لها خلافات مباشرة معها، أما نحن فلدينا أرض محتلة هي الجولان، ولا يمكن القفز فوق هذا الواقع.”

وأضاف أن الأولوية في هذه المرحلة تتمثل في “العودة إلى اتفاق فك الاشتباك لعام 1974 أو صيغة مشابهة، لضبط الأمن في الجنوب بإشراف دولي”.

عودة قوية إلى الساحة الدولية

في خطوة وُصفت بأنها “رمزية وتحولية”، أعلن الرئيس الشرع أنه سيشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، وهي أول مشاركة رئاسية سورية منذ عام 1967، مؤكدًا أن “سوريا كانت في عزلة ضمن عزلة” بسبب سياسات النظام السابق.

وقال إن هذه المشاركة تدل على “تصحيح المواقف من سوريا”، مشيرًا إلى تحسن العلاقات مع قوى إقليمية ودولية، مثل الولايات المتحدة، السعودية، تركيا، الإمارات، قطر، الأردن، وعدد من الدول الأوروبية.

موقف واضح من “إسرائيل” والتقسيم

شدد الشرع على أن استراتيجية “إسرائيل” في سوريا تلقت صدمة عقب سقوط النظام السابق في ديسمبر/كانون الأول، مؤكدًا أن “كل محاولات تل أبيب للضغط من خلال التلويح بالتقسيم أو ضرب الأصول الاستراتيجية السورية لن تنجح”.

وقال: “أي مشروع لتقسيم سوريا سيصطدم بواقع شعبي وجغرافي وسياسي رافض، وسوريا ستبقى موحدة.”

لبنان: لا للتدخل و”قهر الجغرافيا”

وفيما يخص العلاقة مع لبنان، تحدث الشرع عن الحاجة إلى “صفحة جديدة” تمحو آثار التوتر في الحقبة السابقة، داعيًا إلى إلغاء الذاكرة السلبية في العلاقة بين البلدين.

وأضاف: “لبنان عانى كثيرًا من قهر الجغرافيا خلال فترة النظام السابق، ونحن نريد علاقة قائمة على التعاون والاحترام، لا الهيمنة.”

وكشف أنه تواصل مع الرئيس اللبناني ورئيس الحكومة نواف سلام، وأكد أن “سوريا لا تريد التحكم بلبنان”، بل تبحث عن “تعاون مشترك يخدم مصالح البلدين”.

العراق: لا تدخل… فقط حماية للحدود

في حديثه عن العلاقة مع العراق، أشار الشرع إلى أنه رفض أي تدخل عراقي في الشأن السوري خلال فترة تحرير حلب، وأكد أنه أرسل رسائل طمأنة إلى القيادة العراقية.

وقال: “رئيس الوزراء محمد شياع السوداني استجاب، واكتفى بحماية الحدود دون تدخل، وهذه خطوة في الاتجاه الصحيح.”

قسد والأكراد: الحقوق مضمونة.. لا حاجة للسلاح

تطرق الشرع إلى قضية شمال شرقي سوريا، مميزًا بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والشعب الكردي، مؤكدًا تعاطفه مع معاناة الأكراد، ومشددًا على أن: “لا حاجة لنقطة دم واحدة إذا كان الهدف هو الحقوق، فهذه الحقوق ستكون جزءًا من الدستور السوري.”

وأشار إلى اتفاق تم التوصل إليه مع قائد “قسد” مظلوم عبدي في مارس/آذار، ووصفه بأنه “وثيقة مرجعية” للحوار، لاقى قبولًا محليًا ودوليًا.

ملف السويداء: قلة قليلة مرتبطة بـ “إسرائيل”

فيما يخص أحداث السويداء، قال الشرع إن معظم السكان “مرتبطون تاريخيًا بدمشق”، وإن من تسببوا في الفوضى “قلة قليلة تنسق مع إسرائيل أو ضالعة في شبكات تهريب المخدرات”.

وأكد أن الدولة تعمل على ترميم العلاقات بين الدروز والبدو بالحوار، مؤكدًا أن مشاريع التقسيم مرفوضة.

وحول تجربته الشخصية، فأجاب الشرع أن أي مرحلة بالتاريخ يجب أن تقاس بظروفها وقوانين المرحلة. وأنه “لا يمكن محاكمة الماضي بقوانين الحاضر أو محاكمة الحاضر بقوانين الماضي”.

وقال إنه ذهب إلى العراق في 2003 قبل بدء الحرب الأميركية ودخل إلى السجن في 2005 وخرج منه وعاد إلى سوريا و”في سوريا ركزت على موضوع النظام فقط وإسقاطه”. وقال إنه ليس امتدادا للأحزاب الإسلامية سواء التنظيمات الجهادية أو “الإخوان المسلمين” وليس امتدادا لـ”الربيع العربي”.

رؤية اقتصادية جديدة: سوريا بوابة إقليمية

في ختام اللقاء، استعرض الرئيس الشرع رؤية اقتصادية استراتيجية لإعادة إعمار سوريا، تقوم على:

1- ربط موانئ وطرق وسكك سوريا بالدول المجاورة والعالم.

2- إطلاق مشاريع زراعية وسياحية لتعزيز الأمن الغذائي.

3- إصلاحات مصرفية وقانونية شاملة.

وقال: “سوريا تتحول من ثقافة اقتصادية شرقية إلى ثقافة هجينة، ونحن ذاهبون نحو نهضة اقتصادية شاملة.”

وأكد أن “تحرير سوريا أعاد روح الانتماء الوطني، وآن الأوان لبناء سوريا المستقبل على أساس المواطنة والتشاركية، لا المحاصصة الطائفية.”

سوريا الجديدة: دولة مواطنة لا طوائف

ختم الرئيس السوري حديثه برسالة إلى المجتمع الدولي، قال فيها: “نطالب العالم أن يخاطب السوريين كدولة موحدة لا كطوائف. نحن نبني سوريا على أساس المواطنة والدستور، ونعمل على استقرار الداخل والمنطقة ككل.”

إقرأ أيضاً: تقارير: اتفاق أمني مرتقب بين سوريا وإسرائيل برعاية أميركية وخليجية

إقرأ أيضاً: لقاء مرتقب بين الشرع وقائد قسد في دمشق بحضور أميركي

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.