الآثار السورية تُنهب على العلن .. تحذير دولي من تفاقم تهريب الآثار”
حذّر المجلس الدولي للمتاحف (ICOM) من تصاعد وتيرة نهب وتهريب الآثار السورية، واصفاً ما يجري بأنه أكبر موجة استنزاف للتراث الثقافي في تاريخ البلاد الحديث، وسط تزايد الطلب العالمي وغياب الرقابة الفعالة.
وفي بيان رسمي صدر مؤخراً، أشار المجلس إلى أن أجهزة التنقيب الإلكترونية تُباع وتُستخدم علناً في المدن السورية الكبرى، حيث تُستعمل في حفريات غير قانونية، وتُعرض نتائجها – أي القطع المكتشفة – للبيع عبر منصات التواصل الاجتماعي، ما يؤكد أن السوق السوداء للآثار باتت مفتوحة ومنظمة وليست مجرد نشاط سري.
سوق متشعبة وتغذيها شبكات تزييف
وكشف التقرير عن تفشي ظاهرة القطع المزورة، ولا سيما العملات المعدنية القديمة، ما يجعل مهمة التحقق من أصالة القطع وتوثيق مصدرها تحدياً كبيراً أمام المختصين. وحذر المجلس من أن شبكات التهريب والتزوير تمتد داخل سوريا وخارجها، وتتواطأ معها جهات محلية وإقليمية.
دعوات لتعاون إقليمي وتشديد الرقابة
ودعا المجلس الدول المجاورة لسوريا، مثل لبنان، تركيا، والعراق، إلى تشديد الرقابة على الحدود وتعزيز التعاون الأمني والثقافي مع دمشق، بهدف الحد من تهريب الآثار. وأكد أن هذا النزيف المستمر للتراث السوري لا يهدد مقتنيات مادية فحسب، بل يُفقد البلاد جزءاً من هويتها الحضارية التي تعود لآلاف السنين.
مبادرات محلية وصمت دولي
ورغم الظروف الأمنية والاقتصادية الصعبة، أطلق عدد من أعضاء ICOM داخل سوريا حملات توعوية محلية، تهدف إلى تثقيف السكان بخطورة نهب الآثار وبيعها، مشددين على أن “كل قطعة تُهرب، تُفقد معها صفحة من التاريخ السوري”.
في المقابل، عبّر التقرير عن قلق بالغ من صمت المجتمع الدولي إزاء تفاقم الظاهرة، رغم التحذيرات المتكررة التي أُطلقت منذ أكثر من عقد، مطالباً بتحرك دولي أكثر فاعلية.
القائمة الحمراء ليست كافية
وجدد المجلس التذكير بـ”القائمة الحمراء الطارئة للتراث الثقافي السوري المعرض للخطر”، الصادرة عام 2018، والتي تُعد أداة مرجعية أساسية لرصد القطع المهددة والمحمية بموجب القوانين الوطنية والدولية. لكنه أشار إلى أن هذه القائمة لا تشمل كل أنواع القطع السورية، داعيًا إلى فحص دقيق لأي قطعة يشتبه بأنها سُورية المنشأ.
وختم المجلس بيانه بالتشديد على أن إنقاذ التراث السوري مسؤولية مشتركة، تتطلب جهودًا محلية ودولية عاجلة، لوقف النزيف الثقافي قبل فوات الأوان.
وفي وقت سابق،كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية في تحقيق موسّع من مدينة تدمر السورية عن تصاعد مقلق في عمليات تهريب وبيع آثار سوريا، لا سيما عبر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، بعد سقوط النظام السابق في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
التحقيق أشار إلى أن الانفلات الأمني وانتشار الفقر دفعا العديد من السكان للبحث عن الكنوز المدفونة في المقابر والمواقع التاريخية، في موجة وصفتها الصحيفة بـ”حمّى الذهب الأثري”، حيث تحوّلت مواقع أثرية عريقة إلى مسرح لعمليات تنقيب غير شرعية، تتم في كثير من الأحيان تحت جنح الظلام.