داما بوست-خاص| طلب مجلس الوزراء من المواطنين حاملي البطاقات الالكترونية، “ممن لا يملكون حسابات مصرفية”، المبادرة إلى فتح حسابات مصرفية باسم حامل البطاقة خلال مدة ثلاثة أشهر، تمهيداً لتحويل مبالغ الدعم إلى هذه الحسابات، تماشياً مع توجهات إعادة هيكلة الدعم باتجاه الدعم النقدي المدروس والتدريجي.
للحديث عن الدعم النقدي أكد الباحث الاقتصادي الدكتور محمد كوسا في تصريح خاص لـ”داما بوست” أن الدعم الحكومي هو أداة اقتصادية تستخدمها أغلب الاقتصادات في العالم لتحقيق سياسات اجتماعية وتحقيق نوع من السلم الاجتماعي وعقلنة المجتمع.
وبين كوسا أن تقديم الدعم على شكل معونات مادية غايتها الاقتصادية تخفيض أسعار سلع أو خدمات محدده، إما من أجل المنتج أو من أجل المواطن وهذه السلع، والخدمات قد تشمل الخبز وبعض المواد الغذائية:( سكر – رز – زيت) أو المحروقات والكهرباء والمياه.
وأوضح كوسا أن للدعم آثار سلبية على الحكومة أو المواطن حيث تتحمل الدولة (الموازنة العامة والخزينة المركزية) ديوناً كبيرة خاصة عندما لا يكون الاستهداف دقيقاً، وعندما تسمح لبعض الشرائح أو الأسر الميسورة الاستفادة من الدعم على حساب الشرائح الفقيرة.
مضيفاً أن المساواة في الدعم السلعي والخدمي يتيح للأغنياء الاستفادة منه أكثر منه عندما يكون الدعم عيني، كونها أكثر قدرة على الشراء وبكميات أكبر من الفقراء خاصة من مواد الطاقة والكهرباء والماء، كما تقوم بالاستفادة من خدمات مدعومة متعددة بشکل شبه مجاني في حين من المفترض أن تقوم الأسر الغنية بدفع ثمنها الحقيقي أو على الأقل دفع تكلفتها مثل الصحة والتعليم والمواصلات وغيرها.
ولفت الدكتور محمد إلى أن الدعم يهدف إلى رفع مستوى المعيشة وتعزيز الحياة لدى الأفراد من ذوي الدخل المنخفض حصراً وكان من المفترض إعادة النظر بالطريقة السائدة لتوزيع الدعم والتي اقتصرت على الدعم السلعي والخدمي لتخفيض التكاليف والبيع بسعر أقل من التكلفة.
وأشار كوسا إلى أن الواقع القائم لتوزيع الدعم الذي استشرى فيه الفساد أدى إلى تخلخل في منظومة الحماية الاجتماعية وتسبب بانحراف الأهداف والغايات الاقتصادية للدعم كأداة يجب أن تكون فعالة وكعنصر معدل لتحقيق التوازن الاقتصادي والاجتماعي.
ولدى السؤال عن مبررات وفوائد اللجوء إلى الدعم النقدي أكد كوسا أنه ينقسم إلى شقين: الشق الأول يتعلق بالحكومة حيث يجب التصحيح في هيكل الموازنة وهي قضية فنية مهمة للحكومة حيث توزع مبالغ الدعم على بنود متعددة وتقتضي إجراءات معينة متنوعة، ولتخفيض كتلة النقد المتداول والاعتماد على الدفع الالكتروني في علميات تلبية الحاجات للمستحقين عبر البطاقة وهذا الأمر يمكن أن توضع له معايير وشروط محددة الاستخدام أو صرف المبالغ المودوعة في الحسابات المخصصة للدعم النقدي إضافة لتفادي تذبذب أسعار المواد المدعومة خاصة مواد الطاقة لارتباطها بالأسعار العالمية، وللتوسع لاحقاً بشبكة الحماية الاجتماعية والحصول على قاعدة بيانات حقيقية من خلال أوجه الصرف التي يمكن ان تضع لها ضوابط ومعايير عند صرف أو استخدام مبالغ الدعم.
أما بالنسبة للشق الثاني والذي يرتبط بالمواطن فيجب زيادة الدخل للأفراد أو الأسر المستهدفة وصرف المستحقات والمبالغ وفق احتياجات كل أسرة ويراعي هذا الدعم هذا الجانب بشكل أفضل وأكثر عدالة، مبيناً أن الدعم النقدي سيخلق كتلة مالية جيدة وفي حال تم توجيهها من قبل الأفراد نحو الإنتاج خاصة الحرفين والمزارعين إذا تم تخييرهم بالحصول على مبالغ الدعم بشكل ربعي أو نصف سنوي أو سنوي، مؤكداً ان تقييم الدعم سيتم بشكل أفضل من قبل المستفيدين منه بحسب ظروفهم وبيئتهم الاقتصادية والاجتماعية.
أما عن السلبيات والمنعكسات على الأفراد، اعتبر الباحث الاقتصادي أن الدعم النقدي قد يسبب ضغوط تضخمية على الفقراء خاصة وأن هناك ترجيح لزيادة الأسعار عند ظهور الكتل النقدية المخصصة للدعم في الأسواق، إضافة إلى أن المستهلك “غير الرشيد” سيقوم بصرف هذا المبلغ في غير أهدافه وغاياته المخصصة في حال لم توضع ضوابط لصرف هذا المبلغ من قبل المستفيدين مثلا رب الأسرة سيصرفها على احتياجات الشخصية إذا كان (مقامراً أو سكيرا) وهنا سيكون الدعم بدون ضوابط لأوجه الصرف بمثابة زيادة في الدخل أو الأجر أو الراتب.
وتابع كوسا من السلبيات أيضاً التخوف من تراجع سعر صرف العملة أي تراجع القدرة الشرائية لليرة، وبالتالي تراجع القدرة الشرائية للدعم النقدي، إضافة إلى أن الدعم النقدي قد يؤدي إلى بقاء مستوى الحد الأدنى للأجور في حدود معينة ضعيفة ولفترات ليست قصيرة.وأكد الباحث الاقتصادي أن الاقتصار على الدعم النقدي في المستقبل ليس له فعاليه اقتصاديه أو كأداة للتحكم بالاقتصاد أو بتوزيع عوائد عوامل الإنتاج مستقبلاً أو توزيع الناتج المحلي الإجمالي وتوزيع الدخول مفضلاً أن يكون الدعم فترة مؤقتة وأن يتحول مستقبلاً إلى دعم سلعي.
واعتبر أن هذا الدعم هو زيادة في الأجور والرواتب والدخول لكافة أفراد المجتمع المستحقين الذين يعانون من دخل منخفض حاليا وهو قد يكون فترة مؤقتة يمكن أن تستمر سنة أو سنتين .
وشدد كوسا على أن التوجهات الحكومية المستقبلية يجب أن لا تقتصر على الدعم النقدي يجب أن تتوجه لبناء منظومة دعم حقيقية شامله ومتكاملة وبناء شبكه حماية ورعاية اجتماعية متكاملة في المستقبل وهذا تدخل فيه جوانب أخرى كثير مهمة بالنسبة للسلم الأمن الاجتماعي بالنسبة لنمو الاقتصاد والتنمية الاقتصادي والتنمية المجتمعية في عده جوانب كثير.