داما بوست – مارينا منصور | تناقلت وسائل الإعلام في الأيام الماضية خبراً يفيد بأنه حتى لو توقف العدوان على غزة فإن الوفيات قد تصل إلى 8000 بحلول شهر آب، وذلك بحسب التقرير الذي أعده باحثون مستقلون من الولايات المتحدة وبريطانيا.
الوضع الإنساني الكارثي في غزة يقود إلى أزمات صحية تعد ولا تحصى، وإن البيئة دائماً ما تكون الضحية غير الملتفت لها في الحروب، لكنها مهمة جداً لما لها من تأثيرات على صحة السكان الباقين بعد انتهاء الحرب.
نوضح لكم في هذا المقال أبرز الأسباب التي ستفتح باب الكارثة الصحية في قطاع غزة حتى بعد وقف العدوان.
فتات الطعام مفقودة في غزة
العدوان والحصار على قطاع غزة، أفرجا عن أزمة في نقص المواد الغذائية، والنزوح المستمر للسكان مع عدم وصول المساعدات الإنسانية المقدمة للأهالي أدى إلى حدوث مجاعة فعلياً في غزة، ووفاة البعض نتيجة الجوع، وسعي البعض الآخر لتأمين أي طعام ولو كان ملوثاً أو غير صالح للأكل، بالإضافة إلى المياه الملوثة التي لا يستطيعون الحصول على غيرها، وهذه الأشياء كلها تؤدي لحدوث أمراض هضمية كالإسهال الذي يقود إلى نقص المعادن والمغذيات ويسبب تجفافاً قد يؤدي للموت، وقد تحدث أمراضاً معدية كالكوليرا.
النزوح وتكدس الناس في غزة
لا يخفى على أحد ان أدنى مقومات الحياة أصبحت غير موجودة في غزة، ونزوح الأهالي أدى إلى احتمائهم في خيم لا وجود فيها لمقومات المعيشة، أو إلى اجتماع أعداد كبيرة منهم في مناطق معينة، والذي يؤدي إلى تفشي الأمراض كالأمراض الجلدية والتنفسية “الجرب – القمل”، والأوبئة كـ”التهاب الكبد الوبائي”، وهو التهاب خطير يحتاج إلى متابعة الأطباء والرعاية الصحية اللازمة، وعدم توافر الأدوية لعلاجه سيقود إلى نتائج كارثية لا حصر لها قد تنتهي بالموت.
كما أن عدم وجود وسائل للتدفئة في هذا الشتاء والبرد القارص يؤدي إلى أمراض كالانفلونزا وغيرها.
مشافي غزة خارج نطاق الخدمة
القصف المستمر على المشافي وضع عدداً كبيراً منها خارج الخدمة، والمشافي الباقية نفذت من المواد الطبية والأدوية، إذ أصبحت العمليات تجرى دون تخدير، وهذا الأمر يرفع نسبة وفاة الأشخاص الذين اجتازوا هذه العمليات فيما بعد، كالذين أجروا عمليات لبتر أطرافهم، أو النساء اللواتي أنجبن حديثاً بدون تخدير للعمليات القيصرية.
كما أن إعادة تأهيل هذه المشافي وتجهيزها يتطلب وقتاً طويلاً، والوضع الصحي للجرحى لا يحتمل، فهم بحاجة إلى رعاية فورية وعاجلة حتى لا يتفاقم وضعهم سوءاً.
وإن الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة ولا يتوافر لهم العلاج اللازم، سيصلون إلى أشد درجات مرضهم، وقد يموتون بسبب عدم وجود الأدوية التي يحتاجونها، كأمراض السكري والضغط والقلب والكلى، فوضع المرضى حساس ولا يحتمل تأجيل مواعيد الدواء أو العلاج لما يؤثر على العمليات الحيوية في الجسم ويقود إلى مضاعفات خطيرة للمرض كانسداد الأوعية الدموية وتلف الأعضاء والموت.
“البيئة” الضحية المنسية
إن القوانين الدولية اجتمعت على حماية البيئة قدر الإمكان لأنها تبقى ثابتة وتستمر الحياة فيها بعد توقف الحرب، وتتأثر بمخلفات المتفجرات والعمليات الحربية في المنطقة، وإن التقديرات التي تشير إلى رمي أطنان من المواد المتفجرة على غزة تنذر بكارثة صحية ستمتد لأجيال، فمعظم هذه المواد يمتد تأثيرها حتى على الأجنة في بطون أمهاتهم وتحدث تشوهات لهم، كما أن هناك شظايا من بعض القنابل والأسلحة المستخدمة تبقى في الجسم ويصعب الكشف عنها وتؤذي المصاب وتؤثر على حياته وحركته.
والتأثير على البنية التحتية من شبكات المياه والآبار وغيرها يؤدي إلى تلوث مصادر المياه، وهذا الأمر بدوره يحدث العديد من الأمراض والأوبئة التي سيكون من الصعب وضع حد لها، وأيضاً التلوث الحاصل من أدخنة المتفجرات سيؤدي لمشاكل وأمراض تنفسية.
وإن استهداف التربة سيؤثر على إنتاج المحاصيل لسنوات ويخفض إمكانية الحصول على غذاء لسكان القطاع، وأيضاً تتأثر التربة باستخدام الأسلحة المحرمة دولياً، مما يقود إلى إنتاج محاصيل ملوثة بآثار من هذه المواد كـ”الفوسفور الأبيض”، وإحداث أمراض لا حصر لها.
للأسف، حتمية الموت تلاحق سكان غزة، فهذه النتائج تشير إلى أن صحة الأهالي ستتدهور، وتفتح أبعاداً للحرب التي بدأت من 5 أشهر، لذلك من الضروري على المجتمع الدولي أن يتحرك لوقف الكارثة والبدء بمعالجة آثارها.