دمشق 2025: عندما تشتبك “خرائط واشنطن” مع “مخاوف تل أبيب”

داما بوست-خاص

بينما كانت شوارع دمشق تحتفل في مثل هذه الأيام من العام الماضي بسقوط نظام الأسد، لم يكن أحد يتخيل أن خنادق الخلاف الحقيقي ستُحفر بين الحليفين الاستراتيجيين؛ واشنطن وتل أبيب.

اليوم، وفي نهاية عام 2025، يبدو أن “شهر العسل” الأمريكي-الإسرائيلي فوق الأنقاض السورية قد انتهى، ليبدأ فصل من “الصِدام الناعم” حول شكل الدولة، ومصير الأقليات، وحرمة الجغرافيا في الجنوب.

الحكومة الانتقالية: “الرهان” الأمريكي مقابل “الارتياب” الإسرائيلي

 في أروقة البيت الأبيض، يُنظر إلى حكومة أحمد الشرع الانتقالية كقصة نجاح لـ “عقيدة ترامب” في تصفية بؤر التوتر بتكلفة صفرية.

واشنطن، التي رفعت العقوبات وفتحت أبواب التنسيق الأمني مع الجيش السوري الجديد لمكافحة داعش، ترى في دمشق “شريكاً ضرورياً” لضبط الفوضى.

على المقلب الآخر، تتبنى تل أبيب خطاباً يغلب عليه الارتياب. وبالنسبة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، فإن “الشرع” ليس سوى نسخة منقحة من ماضيه الجهادي.

ووفقاً لتحقيقات حديثة نشرتها “واشنطن بوست”، فإن إسرائيل باشرت منذ مطلع 2025 استراتيجية “التقويض السري” لحكومة دمشق

معتبرة أن أي استقرار لدولة يقودها إسلاميون هو تهديد وجودي مؤجل، مهما أبدوا من براغماتية.

لعبة الأقليات: كانتونات إسرائيل أم سيادة واشنطن؟

تحول ملف الأقليات، وخصوصاً الدروز في السويداء، إلى “قنبلة موقوتة” في العلاقات الثنائية.

واشنطن تضغط باتجاه “مركزية مرنة”، تحافظ على وحدة الأراضي السورية لضمان عدم تحول البلاد إلى “ثقوب سوداء” تجذب المتطرفين.

إسرائيل، وفي خطوة كشفت عنها تقارير استخباراتية في ديسمبر 2025، مضت بعيداً في دعم “النزعات الانفصالية”.

فقد رصدت تقارير تزويد الطائفة الدرزية بأسلحة ودعم طموحات “الحكم الذاتي” التي يقودها بعض الوجهاء في الجنوب، بهدف خلق “دولة حاجزة” تفصل دمشق عن حدود الجولان.

الجنوب السوري: “المجزرة” التي أحرجت الحليف

التوغل الإسرائيلي في “بيت جن” والقنيطرة في أواخر 2025، والذي وصفته دمشق بالـ “مجزرة”، وضع واشنطن في موقف لا تحسد عليه.

فبينما تحاول الإدارة الأمريكية تسويق دمشق كلاعب إقليمي “طبيعي”، تواصل إسرائيل قضم الأراضي وتكريس واقع عسكري يتجاوز اتفاقية 1974.

هذا التعارض الميداني أدى إلى تصريحات أمريكية غير مسبوقة تدعو نتنياهو لـ “ضبط النفس”، خشية أن يؤدي الغلو الإسرائيلي إلى دفع الحكومة السورية الجديدة للارتماء في أحضان محاور إقليمية معادية للبحث عن حماية.

سوريا: بين العودة كدولة واحدة أو الضياع في التفتت”

إن هذا الشقاق بين الحليفين يترك سوريا أمام سيناريوهات قاتمة:

تآكل الشرعية: الضربات الإسرائيلية المستمرة تُظهر حكومة دمشق بمظهر “العاجز” عن حماية سيادته، مما يغذي الخطاب المتطرف داخلياً.

التقسيم الفعلي: استمرار دعم الكانتونات (الأكراد شرقاً والدروز جنوباً) يعني أن سوريا قد تظل “دولة اسمية” على الخارطة، بينما هي في الواقع مجموعة من “الإقطاعيات الأمنية” التي تديرها قوى خارجية.

الخلاصة

إن الصراع الأمريكي-الإسرائيلي في سوريا اليوم ليس على “من يحكم”، بل على “هل تبقى سوريا؟”

وبينما تراهن واشنطن على “المؤسسات”، تراهن إسرائيل على “التفتيت”.

وفي ظل هذا التباعد، يبقى الأمن السوري معلقاً بين مطرقة “الاستباحة الإسرائيلية” وسندان “الطموح الأمريكي” لإعادة هندسة المنطقة.

 

اقرأ أيضاً:معاريف: الجيش الإسرائيلي يستعد لسيناريو طوفان الأقصى في الجبهة السورية

اقرأ أيضاً:أكسيوس: انتقادات أميركية لنهج نتنياهو في سوريا خوفاً من تحويل دمشق إلى خصم

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

 

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.