خديعة المليارات.. ماذا حدث خلف كواليس حملة “حلب ست الكل”؟

لم تعد حملة “حلب ست الكل” مجرد مبادرة لدعم المدينة المنكوبة، بل تحولت إلى ملف شائك يثير تساؤلات حارقة حول مصادر المال وآليات جمعه في سوريا ما بعد التغيير السياسي.

فبينما كان يُنتظر من الحملة أن تكون رافعة اقتصادية شفافة، كشفت شهادات تقاطعت عند موقع “هاشتاغ” عن وجه آخر مظلم، عنوانه الأرقام الوهمية، والابتزاز الممنهج، وصفقات “تبييض” السجلات السياسية.

أرقام فلكية في “صندوق أسود”

أعلنت الحملة رسمياً عن جمع ما يتجاوز 426 مليون دولار خلال ثلاثة أيام فقط، وهو رقم اعتبره مراقبون “خيالياً” بالنظر إلى الواقع الاقتصادي.

لكن خلف هذا الرقم الضخم، تغيب أدنى معايير الشفافية؛ فلا كشوف حسابات منشورة، ولا جهات تدقيق مستقلة، ولا تفريق واضح بين “التعهدات الشفهية” و”الدفع الفعلي”.

ووصف مصدر اقتصادي حلبي المشهد قائلاً: “نحن أمام صندوق مغلق بغطاء رسمي، لا حملة دعم وطنية”.

شهادات عن “تضخيم” وتزوير للواقع

تؤكد الشهادات أن المنصة تحولت إلى أداة تضخيم إعلامي بعيدة عن الواقع:

رجل أعمال حلبي: أفاد بأنه تبرع بـ 6 آلاف دولار، ليفاجأ بإعلان اسمه على المنصة بمتبرع بمبلغ 6 ملايين دولار دون علمه.

صفقات خلف الكواليس: كشف مصدر صناعي عن اتفاق مع إحدى الشركات على دفع مليون دولار فقط، مقابل إعلان تبرعها بـ 11 مليون دولار لغايات “البروباغندا” السياسية.

تخبط البيانات: رصد المتابعون تناقضاً في أرقام تبرعات رجل الأعمال “عبد القادر السنكري”، حيث تفاوتت الأرقام المعلنة لاسمه بين 30 و40 مليون دولار في المنشور نفسه، مما يعكس عقلية إدارة غير مهنية.

التبرع أو “العقاب”.. سياسة الجباية القسرية

تحولت الحملة في بعض جوانبها إلى أداة ضغط مباشر على التجار وأصحاب المؤسسات. ووثقت “هاشتاغ” حالات تعرض فيها ممانعون للدفع لضغوطات انتقامية:

تاجر مواد غذائية: واجه حملة إغلاق لمستودعاته بحجج تنظيمية فور رفضه دفع 50 ألف دولار.

مالك مدرسة خاصة: اضطر لرفع قيمة تبرعه من ألفين إلى 15 ألف دولار لإيقاف حملة تفتيشية مفاجئة من مديرية التربية داهمت منشآته غداة تبرعه الأول.

وتشير أصابع الاتهام محلياً إلى حازم الشرع، بوصفه المشرف على “الملف الاستثماري”، بالوقوف خلف هذه الآلية التي تفرض مبالغ على المستشفيات الخاصة والصناعيين دون صفة رسمية قانونية.

“تبييض” الأموال والسجلات السياسية

الأخطر في هذا الملف هو تحول الحملة إلى “منصة تسويات” لشخصيات مرتبطة بالنظام السابق.

حيث كشف مصدر حقوقي عن اتفاقات تقضي بدفع مبالغ ضخمة مقابل طي الملفات الأمنية والقانونية وفتح “صفحة جديدة” مع السلطة الحالية.

واعتبر مراقبون أن مشهد شراء “بارودة حجي مارع” بملايين الدولارات كتسوية لشخصيات من عائلات (بري، وأوبري، ومشنوق) وأفراد مرتبطين بـ “لواء الباقر”

يمثل إهانة لرمزية الثورة السورية، حيث يُمنح هؤلاء شرعية اجتماعية مقابل المال بدلاً من القنوات القانونية.

تداعيات دولية ومستقبل مجهول

حذر خبراء من أن خلط التبرعات السياسية بالعمل الإغاثي دفع جهات مانحة دولية لإعادة النظر في تمويل المشاريع في سوريا، خوفاً من استخدام أموالها في عمليات “تلميع” سياسي.

ويبقى السؤال المعلق: أين ستذهب هذه المئات من الملايين؟ ومن يملك حق الصرف في ظل غياب جدول زمني أو رقابة فعلية؟

إن ملف “حلب ست الكل” بات اليوم اختباراً حقيقياً لنزاهة السلطة الجديدة، فإما بناء مدينة على أسس الشفافية، أو إعادة إنتاج منظومة “ادفع لتمشي أمورك” بوجوه جديدة.

 

اقرأ أيضاً:جدل في حلب حول آليات جمع التبرعات في حملة حلب ست الكل ودور حازم الشرع

اقرأ أيضاً:امتيازات ووعود لكبار المتبرعين في حملة “حلب ست الكل”

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.