سوريا و”التحالف الدولي” لهزيمة داعش.. انعكاسات متشابكة على الداخل السوري

داما بوست -ناصر علي

أعلنت سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا، عبر منصة (x)، انضمام سوريا إلى “التحالف الدولي” ضد داعش والذي تأسس بقيادة واشنطن عام 2014، وبذلك تصبح الشريك الرسمي رقم 90.

بانضمام سوريا لـ “التحالف” يطرح سؤال جوهري، ما هي انعكاسات مشاركة سوريا على قضاياها الداخلية؟

يعزز انضمام سوريا إلى “التحالف” من الشرعية الدولية التي تسعى ورائها الحكومة السورية، مما يزيد من حالة التعاون الدولي معها، وقد يسهم هذا التعاون لأن يكون مدخلًا، لرفع العقوبات عن سوريا بشكل كامل ورفعها عن قائمة الدولة الراعية للإرهاب وإيجاد حل للإرهابيين الأجانب في المخيمات سواء من خلال محاكمتهم على الأراضي السورية أو طرق أخرى، مما قد ينعكس بشكل إيجابي على حياة الشعب السوري بمختلف المناحي ويسرع من عودة اللاجئين لوطنهم.

وبانضمام سوريا إلى “التحالف” ربما نشهد حالة تقدم في العلاقة بين الحكومة السورية وقسد، وهذا ما يبدو أنّ دمشق تراهن عليه خلال ما رشح من عدة لقاءات أو تصريحات حول العلاقة مع “قسد”، على اعتبار الأخيرة أيضاً جزء من “التحالف” متواجد قبل الحكومة السورية.

لتنعكس نتائج تحسن العلاقة من خلال تطبيق اتفاق آذار، وفرض الحكومة السورية لسيادتها على المنطقة الشرقية والاستفادة من خيراتها لدعم عملية التنمية. لكن رغم التعويل على الجهود الأمريكية لدفع العلاقة قدمًا، فإن الطريق ما يزال وعراً، حيث قسد تريد الاندماج بشكل جسد كامل وهذا المطلب تواجهه تركيا بشدّة، إضافة لتخصيص الولايات المتحدة دعم لقسد بقيمة 130 مليون دولار لسنة 2026 وبالتالي يمكن أن تبقي أمريكا هذا الملف كورقة ضغط على دمشق.

زد على ذلك، ماتزال قسد تحظى بثقة كبيرة من الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب؛ بسبب الخبرة التي راكمتها وذلك بعكس الأجهزة الأمنية والعسكرية السورية التي تزال في طور التأسيس وهذا ما يفتح باب لدورات تدريبية لهذه القوات على يد قوات “التحالف” وربما بإشراف قسد نفسها.

وستغطي الولايات المتحدة قواعدها الموجودة في سوريا بغطاء شرعي بحجة مكافحة الإرهاب (المعرّف أمريكا) عقب انضمام سوريا إلى “التحالف”، وتضمن بالتالي سلامة الطرق التجارية الدولية (M5) والمعابر البرية المهمة كالتنف، ورغم اكتساب هذه القواعد للشرعية فإنه لا يمكن تجاهل كيف ستؤثر على تقييد السيادة السورية.

تفاءل السوريون بلقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع -وهذا اللقاء الثاني- لما يمكن أن يسهم فيه هذا اللقاء من تحسين العلاقات بين البلدين، وإعلان انضمام سوريا إلى “التحالف” وما يمكن أن يرافقه أيضًا من تطور في المشهد السوري، لكن هذا التفاؤل رافقه بعض القلق أيضاً؛ وهو الخوف من داعش والعمليات الإرهابية التي يمكن أن تقوم بها في تجمعات مدنية واستغلال التنظيم لحالة النقمة لدى المقاتلين الأجانب والمتطرفين لتجنيدهم وتنسيق عمليات ضد الحكومة السورية ومؤسساتها وشعبها، هذا من جهة.

أما من جهة أخرى، هناك سبب آخر أيضاً للقلق، وقد جاء هذا الشعور بعد بيان السفير الأميركي توماس باراك حول زيارة الرئيس السوري للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع إلى البيت الأبيض واجتماعه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي نشر على صفحة السفارة الأمريكية في سوريا (الفيسبوك)، وجاء في إحدى فقرات بيانه: “ستقوم دمشق الآن بمساعدتنا بشكل فعّال في مواجهة وتفكيك بقايا داعش، والحرس الثوري الإيراني وحماس وحزب الله وغيرها من الشبكات الإرهابية، وستظل شريكا ملتزماً بالجهود العالمية لضمان السلام”.

فهل السوريون هُم حِمل دخول هكذا مواجهة لا تحمد عقباها؟!

انضمام سوريا إلى “التحالف” يحمل إيجابيات، لكنه أيضا لا يخلو من السلبيات وإحدى هذه السلبيات هو العمل لخدمة الأجندة الأمريكية بدل من المصلحة الوطنية مما يعزز حالة التبعية ويضعف الاستقلال وينقص السيادة.

إقرأ أيضاً: واشنطن: دمشق ستشارك في تفكيك شبكات الإرهاب بعد انضمامها إلى “التحالف الدولي”

إقرأ أيضاً: براغماتية الشرع: صراع الفتاوى بسبب دخول سوريا التحالف الدولي

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.