مركزية السجل المدني في مدن حلب الكبرى ترهق أهالي الريف
تُعاني آلاف العائلات القاطنة في قرى وبلدات ريف حلب من مشقة وعناء كبيرين في إنجاز معاملات السجل المدني، بسبب حصر هذه الخدمات في مراكز محدودة ضمن مدن كبرى مثل أعزاز والباب وعفرين، متجاهلة التوسع السكاني الهائل في الأرياف. هذا التمركز الإداري يُحوّل أبسط الإجراءات المدنية، كاستخراج وثيقة ولادة أو قيد عائلي أو تثبيت زواج، إلى عبء يومي مُكلِف ومُرهق، لا سيما للفئات الأكثر ضعفاً.
تكاليف ووقت ضائع يُثقل كاهل الريفيين:
يضطر الأهالي إلى تكبد رحلات طويلة تستنزف يوماً كاملاً من وقتهم ومالهم، مما يجبر عمال اليومية على ترك أعمالهم.
يوضح خالد الحسين، وهو أب لخمسة أطفال من قرية قرب مارع،لموقع “العربي الجديد” أن إنجاز معاملة بسيطة يستنزف وقتاً طويلاً ويصعب إيجاد شاهدين مستعدين لإضاعة يوم كامل في السفر والانتظار، حيث تستغرق الرحلة وحدها نحو ساعتين ذهاباً وإياباً، يضاف إليها الانتظار الطويل أمام المراجعين.
كما تبرز الكلفة المادية كهمّ إضافي، فـلمياء العبد الله، التي راجعت مركز الباب لتثبيت ولادة طفلها، أنفقت أكثر من 350 ليرة تركية على المواصلات فقط، وهو مبلغ يفوق قدرة الأسر الريفية. وتشير لمياء إلى أن غياب المكاتب القريبة يُشكل تحدياً أكبر للنساء تحديداً بسبب صعوبة التنقل المتكرر.
تأثير مباشر على العمل والاقتصاد:
لا يقتصر الضرر على الأفراد فقط، بل يمتد ليشمل أصحاب الأعمال المرتبطة بالوثائق الرسمية. يروي عبد الرزاق المحمد، الذي يعمل في وساطة عقارية، أنه يضطر لتأجيل إنجاز معاملاته بشكل متكرر، لأن الذهاب للمركز يعني خسارة يوم عمل كامل وارتفاع تكاليف نقل. هذا التأخير أدى به إلى تجميد صفقة بيع أسابيع، مما كبّده خسارة عمولة كان يعوّل عليها.
الحلول المقترحة لفك المركزية الإدارية:
يرى الباحث في الإدارة المحلية محمد القصير للوقع نفسه، أن المشكلة تكمن في غياب رؤية لتوزيع الخدمات بناءً على الكثافة السكانية في الأرياف التي تشهد نمواً كبيراً بسبب النزوح.
ويقترح أن يكون الحل الأمثل هو إنشاء مكاتب فرعية متنقلة أو نقاط تسجيل صغيرة في كل ناحية لتخفيف الضغط وتوفير خدمة أكثر عدالة.
ويشدد على أن عدم سهولة الوصول إلى السجل المدني يؤدي إلى فجوات قانونية تحرم الأسر من حقوق أساسية مثل التعليم وتثبيت الملكيات.
لذلك، هناك حاجة ماسة لإعادة هيكلة هذه الخدمات لتتناسب مع التحوّلات الديمغرافية وتُخفف العبء عن أهالي الريف، لا سيما النساء وعمال اليومية.
اقرأ أيضاً:بين “دمشق المضيئة” وريفها الغارق في العتمة.. فجوة كهربائية تتّسع
اقرأ أيضاً:داريا نموذجاً.. ضياع السجلات العدلية يهدد ممتلكات آلاف السوريين