“السقوط الخامس” ونبوءات “الهيكل الثالث” و “عقد الثمانين” من جهة و المقاومة من أخرى
داما بوست | الأراضي المحتلة
رأى الكاتب الإسرائيلي دافيد باسيغ، أن انهيار الكيان الإسرائيلي هو أمر وشيك، إذا لم يتخذ إجراءات عاجلة من أجل استمراره، وذلك عبر كتاب له حمل اسم “السقوط الخامس” وصدر في الأراضي المحتلة.
وتناول الكتاب نهاية “إسرائيل” في غضون 20 عاماً، مفترضاً أن حرباً أهلية ستندلع عام 2041، جراء تنامي نزعات التطرف سيما الديني.
ولفت الكاتب في كتابه “السقوط الخامس” إلى أن الشرارة الأولى للحرب الأهلية ستكون على يد الشرطة الإسرائيلية التي ستقمع تظاهرة سينظمها “اليمين المتطرف”، قبل أن تشهد صفوف الشرطة والقوات الإسرائيلية انشقاقات، تلحقهم بصفوف المتظاهرين.
كما كشف الكاتب عن سقوط الكثير من القتلى والجرحى، إضافة إلى فوضى عارمة في كافة المناطق المحتلة من قبل الكيان الإسرائيلي، مؤكداً أن هذا ليس محضّ خيال إنما يستند إلى معطيات واقعية، تؤدي في النهاية إلى تفكك الدولة العبرية المزعومة.
دافيد باسيغ حاول في كتابه “السقوط الخامس” أن يستحوذ على عقل القارئ عبر العاطفة من خلال افتتاحية كتابه والتي بدأها بالحديث عن هجرته ووالده واخوته سنة 1968 من المغرب واظهاره حال المعاناة والضياع التي عاشوها قبل اعلان قيام دولتهم المزعومة مستخدماً بذلك أسلوباً يحاول من خلاله إظهار اليهود بدور المظلوم والمضطهد أينما حل.
ويدل الكاتب على وجود 4 سقوطات في تاريخ الشعب اليهودي، ويتمثل الأول حسب مزاعمه، بعصر القبائل الممتد من القرن الخامس عشر إلى الحادي عشر قبل الميلاد، حيث كانوا مؤلفين من حوالي 12 قبيلة، ويعيشون على الانتقامات والحروب التدميرية والإنقسامية، وبالتالي فشلوا في الحفاظ على أنفسهم، فقرروا أن يعينوا لهم ملكاً لينتقلوا بذلك إلى العصر الثاني.
ووفقاً لمزاعم الكاتب، عين النبي صموائيل ملكاً على قبائل اليهود، وكان في وقتها “طالوت” ثم “داوود” ثم “سليمان” ليسمى ذاك العصر بـ “عصر الملوك” وامتد لحوالي 500 عام، قام على انقسامين أساسيتين وهما “إسرائيل الجنوبية” و”إسرائيل الشمالية” وخاضتا مالا يقل عن 7 حروب، أسفرت عن دمار “الدولة” والمعبد الذي كانت تمارس فيه الطقوس الدينية والسياسية والتشاورية، .
يتجسد العصر الثالث وفقاً لادعاءات الكاتب، عندما سمح لهم الملك “قروش” بالذهاب إلى فلسطين، وإقامة السيادة الثالثة “سيادة الكهنة” المتمثلة بكبار العائلات، واستمرت حتى القرن الأول قبل أن تدمرهم الإمبراطورية الرومانية، وبذلك دخلوا في عصر الشتات أو عصر الحاخامات وهم رجال الدين الحاكمون، واستمر حتى عام 1939 أي المحرقة اليهودية.
الكراهية بين بعضهم البعض، جعل اليهود جماعة منبوذة من الجميع، وصولاً إلى العصر الخامس، أو “السقوط الخامس” وهنا حمّل الكاتب قادة الكيان الإسرائيلي الملكيون والكهنة والحاخامية، مسؤولية الفشل الذريع الذي حلّ بكيان الاحتلال على مدار العصور السابقة،
جدير بالذكر أن عملية “طوفان الأقصى” التي شنتها المقاومة الفلسطينية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أظهرت حقيقة تآكل بنية وجود “إسرائيل”، من خلال حالات هروب المستوطنين الجماعية إلى الخارج، بسبب عجز القوات الإسرائيلي في الردع، وقبلها فشل السلطات الإسرائيلية في حل المشاكل الداخلية.
كما أن حث السلطات الاسرائيلية على “النزوح” أسقط نظرية الأمن والاستقرار التي لطالما يحاول الكيان الإسرائيلي نسبها لنفسه، حيث باتت ضربات المقاومة الفلسطينية تستهدف كافة النقاط الإسرائيلية، وبالتالي زادت الخسائر الإسرائيلية سواء بعدد القتلى والجرحى أو بالأضرار المادية، فضلاً عن المشكلات السياسية والاقتصادية وانتشار سياسة التطرف، بسبب تسلط اليمين المتطرف على الحكم.
وكانت رئيسة وزراء الاحتلال السابقة غولدا مائير، حذرت في أول يومين من عملية “طوفان الأقصى”من هلاك “إسرائيل ” بالقول: إن “هذا خراب الهيكل الثالث”، مستحضرة نبوءة قديمة عن زوال الممالك اليهودية.
ومع حقيقة هذه النبوءات أو بدونها فإن المستوطنين يبحثون عن ملاذات أخرى آمنة، ليس اليوم فقط، حيث أشار الباحث الفلسطيني جورج كرزم، في كتابه “الهجرة اليهودية المعاكسة ومستقبل الوجود الكولونيالي في فلسطين”، والصادر عام 2018، إلى أن “أكثر من نصف اليهود الإسرائيليين قد أعلنوا في ظروف سلمية أنهم يفكرون بترك إسرائيل، وأن نحو 70% من الإسرائيليين يتوجهون للحصول على جنسية أخرى أو فكروا في ذلك”.
ويبقى السؤال كالتالي، ماذا سيحل بكيان الاحتلال الإسرائيلي إذا هاجر حوالي 70% من مستوطنيه فقط، دون الحديث عن مقاومة فلسطينية ولادة غير آبهة لحياة أو موت، ودون الحديث عن توحيد الجبهات؟.