كشفت دراسة علمية جديدة عن أن الطبقة الجليدية في غرب القطب الجنوبي تذوب بشكل لا رجعة فيه بسبب تأثير انبعاثات الغازات الدفيئة، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل القريب والبعيد.
وأكد علماء من هيئة المسح البريطانية للقارة القطبية الجنوبية (BAS) أن هذا التغير المناخي سيكون له تأثيرات وخيمة على حياة الملايين من الناس في المناطق الساحلية حول العالم.
وأوضحت الدراسة، التي نُشرت في مجلة Nature Climate Change، أن ذوبان الغطاء الجليدي في غرب القارة القطبية الجنوبية سيستمر حتى لو تم اتخاذ إجراءات فورية للحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، مشيرةً إلى أن هذه المنطقة تفقد حاليًا حوالي 7.5 تريليون طن من الجليد كل عام، بسرعة أكبر بثلاث مرات مما كانت عليه في القرن الماضي.
وحسب التقديرات، فإن ذوبان هذه المنطقة بالكامل سيؤدي إلى رفع مستوى سطح البحر بمقدار 17 قدمًا (5.3 متر)، وهو ما يعادل اغراق دول كاملة مثل هولندا والمالديف، ومع ذلك يتوقع العلماء أن يزداد ارتفاع مستوى سطح البحر بمقدار 3.2 قدم (متر واحد) فقط خلال هذا القرن، وهو ما يزال كافيًا لإحداث خسائر كبيرة في الممتلكات والأرواح.
ويرجع سبب ذوبان هذه المنطقة إلى ارتفاع درجة حرارة المحيطات، التي تستهلك حوالي 90% من الحرارة المتولدة جراء ازدياد تركيز غازات الدفيئة في الغلاف الجوي. وهذه المحيطات تؤثر على قاعدة الغطاء الجليدي من خلال تسخينه وإذابته، مما يزيد من سرعة انزلاقه نحو المحيط.
وأشارت رئيسة فريق البحث، الدكتورة كايلتن نوتن إلى أن هذه المشكلة لا يمكن حلها في وقت قصير، وقالت: “لا يزال بإمكاننا التحكم في مدى سوء الأمور في المستقبل، ولكن لا يمكننا إيقاف الذوبان الذي بدأ بالفعل. وهذا يعني أننا سنواجه تحديات كبيرة في التكيف مع تغير المناخ والحد من آثاره السلبية على البشرية”.
وأضافت أن هذه الدراسة تعتمد على نماذج حاسوبية متطورة لمحاكاة سلوك الغطاء الجليدي تحت ظروف مختلفة من التغير المناخي، مبينةً أن هذه النماذج تشمل عوامل مثل تدفق الماء الذائب والتشققات في الجليد والتفاعلات بين الغطاء الجليدي والصخور.
وأكدت أن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي تستخدم هذه المستوى من التفصيل والدقة في دراسة ذوبان غرب القطب الجنوبي، وقالت: “إن هذه الدراسة تسلط الضوء على حقيقة أننا نعيش في عصر يشهد تغيرات جذرية في المنظومة المناخية للأرض، وأن علينا أن نكون على قدر المسؤولية في التعامل مع هذه التحديات”.