أسواق “البالة” في سوريا: متنفس الفقراء والأغنياء على حد سواء!
في ظل الارتفاع المستمر للأسعار وتراجع القوة الشرائية، تحولت أسواق الملابس المستعملة، أو ما يُعرف بـ “البالة”، إلى خيار أساسي لشريحة واسعة من السوريين.
إذ لم يعد دخل المواطن، خصوصاً الموظفين، يتناسب مع أبسط الاحتياجات المعيشية، مما دفع الكثيرين للتخلي عن الأسواق التقليدية والبحث عن بدائل أكثر اقتصادية.
فجوة الدخل والأسعار.. محرك التغيير
تُظهر جولة في الأسواق حجم الهوة بين الأسعار والدخل.
فسعر القميص الجديد في المحلات يتجاوز 250 ألف ليرة سورية، بينما يباع قميص مشابه في أسواق “البالة” بما لا يزيد عن 20 إلى 50 ألف ليرة.
أما المعاطف الشتوية، التي تتراوح أسعارها في المحلات بين 500 ألف ومليون ليرة، فيمكن شراؤها من “البالة” بما لا يتجاوز 100 ألف ليرة.
هذا الفارق الكبير يجعل متوسط راتب الموظف الحكومي الذي يبلغ نحو 1.2 مليون ليرة غير كافٍ لتأمين أبسط مستلزمات العائلة
شهادات من الواقع: كسر حاجز الإحراج
أمام هذا الواقع، لم يعد ارتياد أسواق “البالة” أمراً محرجاً كما كان في السابق، بل أصبح خياراً طبيعياً لمواجهة الأزمة.
يقول الموظف عبد الرحمن أحمد: “بالأول كنت استحي فوت على البالة، بس حالياً خلص… إذا القميص الجديد صار فوق الـ 200 ألف، وراتبي مليون وشوي، البالة هي الحل”.
تشاركه الرأي عائشة، وهي أم لطفلين، التي لجأت إلى “البالة” لتجهيز أبنائها للمدرسة لتجنب الاستدانة، مؤكدة أن “الفرق كبير وما بقدر أتحمله”.
حتى الطلبة الجامعيون يجدون في هذه الأسواق ملاذاً لتخفيف الأعباء، مثل الطالبة رنا بركل التي تشتري ملابسها من “البالة” لتتمكن من تغطية مصاريفها الدراسية الأخرى
جودة أعلى بأسعار أقل
يشير بسام خليل، صاحب محل ملابس مستعملة، إلى أن زبائنه لم يعودوا يقتصرون على الفقراء فقط، بل باتت تشمل موظفين وطلاباً وعائلات معروفة.
ويعزو الكثيرون هذا الإقبال المتزايد إلى الجودة العالية للبضاعة المستوردة في “البالة”.
حيث يجدونها أكثر متانة وتدوم لفترة أطول مقارنة بالملابس المحلية التي تعاني من ضعف الجودة رغم ارتفاع أسعارها.
في النهاية، تحولت “البالة” من مجرد سوق للمستعمل إلى مرآة لأزمة معيشية عميقة، ومتنفس أخير لعائلات لم يعد دخلها يتوافق مع أبسط احتياجاتها، في ظل غياب الرقابة وترك التجار يحددون أسعارهم بحرية.
إقرأ أيضاً: تحالف مرتقب بين «قسد» ومناف طلاس لإطلاق مجلس عسكري وطني في سوريا
إقرأ أيضاً: مناف طلاس: العودة إلى المشهد السوري ورؤيته لمستقبل ما بعد الأسد