فعالية تخفيضات نهاية الصيف: هل تذبل مع ضعف القدرة الشرائية؟
مع اقتراب نهاية فصل الصيف، تعود التخفيضات الموسمية لتزين واجهات المحال التجارية في سوريا، معلنة عن خصومات قد تصل إلى 50% على سلع مثل الألبسة والأحذية والحقائب.
ورغم أهمية هذه الظاهرة التجارية، إلا أن فعاليتها الحقيقية تُطرح للتساؤل في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تشهدها البلاد، وتحديداً مع انخفاض حاد في القوة الشرائية للمواطن.
واقع التخفيضات في ظل التضخم
يشير الخبراء الاقتصاديون إلى أن تخفيضات نهاية الصيف تأتي في سياق اقتصادي استثنائي يتسم بارتفاع معدلات التضخم وتدهور قيمة الليرة السورية.
ووفقًا للدكتور إبراهيم سليمان، الخبير الاقتصادي بجامعة دمشق، فإن مفهوم “التخفيض” يصبح ذا طبيعة نسبية.
يوضح الدكتور سليمان أن قياس التخفيضات الحقيقية يتم عادةً بمقارنتها بأسعار ما قبل الموسم. ولكن في ظل التقلبات السريعة والمستمرة للأسعار، قد يجد المستهلك أن السعر بعد التخفيض لا يختلف جوهريًا عن السعر العادي الذي كان سائدًا قبل أسابيع قليلة، مما يُضعف من الفائدة الملموسة للخصم.
ضرورة تسويقية وتأثير محدود
من منظور التسويق، ترى الدكتورة لمى الحسيني، أستاذة مادة التسويق، أن هذه التخفيضات تبقى ضرورية لدوران عجلة التجارة. فهي تلعب دورًا محفزًا للمستهلك وتساعد التجار على التخلص من المخزون القديم استعدادًا لاستقبال بضائع الموسم الجديد.
إلا أنها تستدرك بأن التأثير الاقتصادي لهذه التخفيضات يبقى محدودًا في الظروف الحالية. ورغم أنها تشكل وسيلة لتشجيع تدفق الليرة السورية في السوق، فإن انخفاض القوة الشرائية للمواطن السوري بشكل كبير يقف عائقًا أمام الاستفادة القصوى منها.
تحديات مشتركة للمستهلك والتاجر
يواجه السوق السوري تحديات مزدوجة تجعل من تخفيضات نهاية الصيف عملية معقدة:
المستهلك:
- انخفاض القدرة الشرائية العام: مما يقلل من هامش الإنفاق على السلع غير الأساسية كالألبسة.
- تعدد الأولويات المعيشية الأساسية: حيث تتجه الأغلبية لتغطية الاحتياجات الأساسية أولاً.
- عدم وضوح الفارق السعري الحقيقي: بسبب التقلبات، يصعب على المستهلك التأكد من أن التخفيض حقيقي ومفيد.
التاجر:
- إدارة المخزون وتقلبات سعر الصرف: مما يستدعي ضرورة بيع البضاعة بسرعة لضبط هوامش الربح.
- صعوبة استيراد بضائع جديدة: بسبب التحديات الاقتصادية، مما يجعل إدارة المخزون القديم أكثر أهمية.
- الموازنة الصعبة: بين جذب العملاء عبر التخفيضات والحفاظ على استمرارية العمل ومقابلة تكاليف التشغيل.
في الختام، تظل تخفيضات نهاية الصيف في سوريا ظاهرة تجارية لا غنى عنها من الناحية التسويقية والتخلص من المخزون، لكن فعاليتها تتضاءل أمام ضعف القدرة الشرائية وغموض الأسعار. لكي تكون هذه التخفيضات ذات جدوى حقيقية، فهي تتطلب نظرة واقعية تضمن فائدة ملموسة للمستهلك وفي الوقت ذاته تدعم استمرارية القطاع التجاري في ظل التحديات الاقتصادية غير المسبوقة.
اقرأ أيضاً:الليرة السورية في مهب الريح: فوضى الأسعار تستمر وتجار واتساب يتحكمون بمصير المستهلك
اقرأ أيضاً:سوريا تتجه لإنشاء صندوق الزكاة وإصلاح ضريبي شامل لمكافحة الفقر