الليرة السورية في مهب الريح: فوضى الأسعار تستمر وتجار “واتساب” يتحكمون بمصير المستهلك

تشهد الأسواق السورية حالة من التخبط والفوضى السعرية، حيث تتأثر بشكل مباشر بـالتذبذب المستمر في سعر صرف الليرة مقابل الدولار. ورغم الانخفاض المفاجئ الذي سجلته الليرة لفترة وجيزة، فإن هذا التراجع لم ينعكس على أسعار السلع بشكل متناسب، بل ظل العديد منها مرتفعا دون تبرير واضح من التجار.

تحركات الليرة وآلية تسعير التجار

في شهريّ آب وأيلول 2025، تراوح سعر الصرف في السوق الموازية بين 11580 و11650 ليرة للدولار، بينما بقي السعر الرسمي عند حوالي 11000 ليرة. هذا التقلب ينعكس فورا على أسعار السلع، خاصة المستوردة.

يشير أمين سر جمعية حماية المستهلك، عبد الرزاق حبزة، إلى أن المشكلة تكمن في استغلال بعض التجار لاقتصاد السوق الحر، حيث يقوم مجموعات من التجار والمنتجين وبائعي المفرق ونصف الجملة بتبادل التبليغات اليومية بتغيير الأسعار عبر تطبيق “واتساب”.

  • عند ارتفاع سعر الصرف: يتم تبليغ التجار بـالرفع الفوري للأسعار وينعكس ذلك مباشرة على المستهلك.
  • عند انخفاض سعر الصرف: يبقى السعر مرتفعًا لفترة قد تتجاوز الأسبوع.

كما يستغل التجار المواسم (مثل المؤونة والمدارس والشتاء) لرفع أسعار المواد التي يزداد الطلب عليها، إضافة إلى استغلال أي تطور سياسي أو أمني ينعكس على سعر الصرف لتنفيذ زيادات سريعة في الأسعار بعيدا عن قرارات المصرف المركزي أو الرقابة الحكومية.

الفجوة الهائلة بين الدخل وتكاليف المعيشة

على الرغم من إظهار تقرير برنامج الغذاء العالمي لشهر تموز 2025 انخفاضا في متوسط تكلفة السلة الغذائية (التي بلغت نحو 1.9 مليون ليرة لأسرة من خمسة أفراد)، فإن هذا التحسن يعتبر “سطحيا وناجما عن عوامل موسمية” مثل زيادة إنتاج الخضروات والدجاج.

يؤكد الخبير الاقتصادي ملهم الجزماتي أن الفجوة بين الدخل وتكاليف المعيشة لا تزال هائلة:

  • الحد الأدنى للأجور البالغ 750 ألف ليرة يغطي فقط 39 بالمئة من تكلفة السلة الغذائية.
  • الوضع يدفع غالبية الأسر للاعتماد على مصادر دخل إضافية أو آليات تأقلم سلبية.

كما يشدد الجزماتي على أن أي انخفاض مستقبلي في قيمة الليرة قد يؤدي إلى ارتفاع حاد وفوري في تكاليف المعيشة، مما يعيد الأسر إلى نقطة الصفر، مؤكدًا أن هناك علاقة مباشرة بين سعر الصرف وأسعار الغذاء.

التوصيات للسيطرة على السوق

يؤكد الخبراء أن الحل لا يكمن في القرارات الحكومية المؤقتة (مثل تعليق البطاقة الذكية للغاز أو وقف استيراد الدواجن) التي لا تعالج جذور الأزمة، بل يتطلب:

  • تحديد هوامش ربح واضحة وإلزام التجار ببيان التكلفة.
  • تدخل حكومي فعال لطرح المواد في السوق بشكل مباشر أو عبر شراكة لضمان مصلحة المستهلك.
  • تنفيذ إصلاحات هيكلية عميقة في الإنتاج وعدم الاعتماد على العوامل الموسمية أو الخارجية لتحقيق انتعاش اقتصادي حقيقي.

 

اقرأ أيضاً:ملايين الدولارات لمشاريع التنمية في سوريا: غياب الشفافية يثير التساؤلات

اقرأ أيضاً:صفحات فيسبوك تتحكم بأسعار السلع في سوريا

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.