الأمية في زمن النزاع السوري: عبء مضاعف يقوّض حقوق المرأة ويُعمّق معاناتها
أدى النزاع السوري المستمر منذ عام 2011 إلى تفاقم مشكلة الأمية بين النساء السوريات بشكل واسع، حارماً الآلاف منهن من حقهن في التعليم وتراكماً للتحديات التي تواجههن.
ففي ظل الحرب، لم تُتح للكثيرات فرصة الالتحاق بالمدارس منذ الطفولة، مما جعل الأمية عائقاً كبيراً أمام حصولهن على فرص العمل والدعم، وجعلهن أكثر عرضة للاستغلال، لا سيما في ما يتعلق بالحقوق القانونية والميراث.
الأزمة تضرب التعليم وتعمّق الفجوة
تؤكد الناشطة السياسية راقيا الشاعر لموقع”963+” أن واقع تعليم النساء قبل الحرب كان متفاوتاً بين المناطق، لكن مع اندلاع النزاع، تدهور قطاع التعليم بشكل كبير. فقد ساهم تدمير المدارس، وتهجير السكان، وتفكك الأسر في انخفاض حاد لنسبة التعليم، وكانت المرأة السورية الأكثر تأثراً، حيث حرمها غياب البيئة التعليمية الآمنة من مواصلة أو بدء تعليمها، مما وسّع فجوة الأمية.
من جانبها، تشير الناشطة المدنية رحاب إبراهيم إلى أن تعرض المدارس للتدمير والتعطيل واضطرار النساء للنزوح ومواجهة مخاطر السفر ونقص الموارد قد أدى إلى ارتفاع معدلات الأمية.
الأمية: عوائق يومية ومضاعفة للمعاناة
تُشكل الأمية عقبة كبرى تحول دون تمكين النساء من ممارسة أبسط أنشطتهن اليومية، وتجعلهن أكثر عرضة للمخاطر والاستغلال. فمع استمرار الأزمات الإنسانية والاقتصادية، ازدادت معاناة النساء الأميات، حيث:
- صعوبة الحصول على العمل: الأمية تحدّ من فرص النساء في الحصول على وظائف تتناسب مع احتياجاتهن، مما يقوّض استقلالهن الاقتصادي والاجتماعي.
- الجهل بالحقوق والواجبات: الأمية تعد من أكبر العوائق التي تحول دون إدراك المرأة لحقوقها وواجباتها، مما يجعلها عرضة للاستغلال والتهميش في مختلف جوانب الحياة، بما في ذلك حقها في الميراث.
- صعوبة الوصول للخدمات: تواجه النساء الأميات صعوبات يومية مثل عدم القدرة على فهم حملات التوعية الصحية، وصعوبة الوصول إلى الخدمات التعليمية، والاعتماد على الآخرين.
- الإقصاء من برامج الدعم: الأمية تقيد مشاركة النساء في المشاريع التنموية أو برامج الدعم، إذ تُصعّب عليهن متابعة الاجتماعات أو تعبئة الاستمارات.
- تحديات أسرية: هناك قصص حقيقية تُظهر أن النساء الأميات لا يستطعن تسجيل أبنائهن في المدارس أو متابعة شؤونهن التعليمية.
تؤكد راقيا الشاعر أن الآثار السلبية للأمية تزداد على المرأة بشكل مضاعف، فهي تفتقر إلى الأدوات الأساسية لاتخاذ قرارات مصيرية. كما أن الأعراف والتقاليد المجتمعية تلعب دوراً سلبياً في حرمان المرأة من حقوقها القانونية، سواء كانت متعلمة أم أمية.
الحاجة الملحّة للتدخل والتغيير
تشير التقديرات إلى أن نسبة النساء الأميات قد تجاوزت 30% في بعض المناطق الريفية أو المتأثرة بالنزاع، خاصة في ظل النزوح وانهيار النظام التعليمي، وبحسب تقرير الأمم المتحدة للسكان لعام 2024، فإن أكثر من 8 ملايين امرأة وفتاة في سوريا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، ويعاني كثير منهن من نقص في الوصول إلى التعليم والخدمات الأساسية.
في هذا السياق، دعت الناشطتان راقيا الشاعر ورحاب إبراهيم المنظمات الإنسانية والحكومة السورية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة:
- إطلاق برامج تعليمية ومهنية: توفير برامج محو أمية ودورات تدريبية على المهارات الحياتية والمهنية للنساء الأميات.
- تسهيل الوصول والدعم: تسهيل الوصول إلى المراكز التعليمية وتقديم الدعم المالي والتقني.
- التوعية القانونية: توعية النساء بحقوقهن القانونية.
- دمج البرامج: دمج مبادرات محو الأمية ببرامج تدريبية لتعزيز فرص المستفيدات في سوق العمل.
يُنظر إلى حملات محو الأمية على أنها تتجاوز مجرد تعليم القراءة والكتابة لتشكل مدخلاً حيوياً نحو تحسين الواقع الاجتماعي والاقتصادي للمرأة وتمكينها من استعادة دورها الفاعل في المجتمع وتحقيق العدالة والمساواة في الحقوق والفرص.
اقرأ أيضاً:البرلمان السوري الأول بعد سقوط الأسد.. انتخابات تثير الجدل
اقرأ أيضاً:بين فكي القمع: صراع المرأة السورية من 2011 إلى 2025