الغرب في مواجهة الشراكة الاستراتيجية بين دمشق وبكين.. ماذا سيفعل؟
داما بوست | الهام عبيد
لم تتوقف إدانات الولايات المتحدة الأمريكية للشراكة الاستراتيجية التي أُعلن عنها بين الصين وسورية، على خلفية زيارة الرئيس بشار الأسد إلى الصين ولقائه بنظيره الصيني “شي جين بينغ”.
ووصفت وسائل إعلام غربية وأمريكية نتائج الزيارة، بأنها تشكل خطراً على الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى سياسة القطب الواحد التي لطالما مارستها للهيمنة على العالم، حسب ما غرد به رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي “مايكل مكول”.
من جهتها نشرت “نيويورك تايمز” مقالاً تحت عنوان ” الزعيم السوري يزور الصين بحثاً عن أصدقاء وأموال”، وتعمدت فيه تسليط الضوء على الوضع الاقتصادي السيء الذي تشهده سورية، لتأطير الزيارة تحت بند “حصول الأسد على دعم مالي من الصين، لإعادة بناء بلاده وتحسين مكانته الدولية” حسب قولها.
وعن مكاسب الصين اعتبرت الصحيفة الأمريكية، أن الشراكة الاستراتيجية جاءت ضمن مساعي بكين لتقديم نفسها، على أنها صاحبة نفوذ قوي في الشرق الأوسط، وشريكة للدول التي تتجنبها الولايات المتحدة والغرب.
ونقلت رأي الباحثة في جامعة فرايبورج بألمانيا “جوليا جورول هالر” عندما قالت.. إن الصين تأمل في لعب دور الوسيط مرة أخرى، بين سورية وتركيا وإيران وروسيا لاستعادة السيطرة على البلاد، لافتة إلى أن ميناء اللاذقية السوري مكان ذو أهمية استراتيجية لدى الصين، يمكنها من الحصول على موطئ قدم في البحر الأبيض المتوسط، على حد قولها.
ولم ترجح الصحيفة أن تضع الصين شروطاً سياسية للمشاركة في إعادة إعمار سورية، من مبدأ العلاقات القوية بين البلدين، مشيرة إلى دعم الصين وروسيا لسورية منذ بداية الحرب التي وصفتها بـ “الأهلية” فضلاً عن استخدامهما لحق النقض (الفيتو) في الأمم المتحدة.
فيما لم تغفل مخاوف الغرب من مبادرة “الحزام والطريق” الصينية، وإعلان انضمام سورية إليها عام 2022، متسائلةً “ما الذي سيحدث بعد ذلك”.
في هذا الإطار يرى عضو مجلس الشعب السابق والسياسي “مهند الحاج علي” في حديث لـ “داما بوست” أن زيارة الرئيس الأسد والسيدة الأولى إلى الصين، لها مضامين ودلالات عديدة خصوصاً في الوضع الاقتصادي الخانق الذي تشهده سورية بسبب العقوبات الغربية أحادية الجانب، وكان لابد من البحث عن حلول وبدائل عبر التوجه شرقاً، وهو ما أكد عليه الرئيس الأسد في غالبية خطاباته كعنوان للمرحلة الحالية، ليس فقط اقتصادياً بل سياسياً وعسكرياً وثقافياً واجتماعياً.
وأوضح “الحاج علي” أن الصين ثاني أقوى اقتصاد في العالم، وتبذل جهودها لتحقيق مشروع “الحزام والطريق” الصيني، والذي لا يمكن أن يكون دون سورية، كونه يمر في أحد فروعه ضمن أراضيها وينتهي في ميناء طرطوس، وبالتالي كان لا بد من رسم الخطوط النهائية لتوقيع ودخول دمشق في هذه المبادرة، وهو أهم أسباب الزيارة حسب رأيه.
وحول المنفعة المشتركة لفت “الحاج علي” إلى طموحات الصين الاستثمارية في شرق المتوسط وغرب آسيا، معتبراً أن سورية تمتلك أرضية خصبة لهذه الاستثمارات، وبالتالي تعود المنفعة على الجانبين من جهة إنعاش الاقتصاد السوري وجهة تحقيق طموحات الصديق الصيني.
وتابع.. “هناك عمليات تبادل تجاري بين سورية والصين، أوقفتها الولايات المتحدة الأمريكية بعد العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على سورية، وعليه فإن اجتماع القمة كان لإيجاد بدائل وحلول وخرق جدار تلك العقوبات القسرية، وبالتالي منع الدور الأمريكي المعطِل”.
ويرى السياسي السوري أن كل ما تقوم به واشنطن في المنطقة وخصوصاً سورية عبر إشعال الجبهات كافة، له هدف أساسي وهو تعطيل مشروع “الحزام والطريق” وقطع الطريق على الصين من سورية، وإفشال الشراكة الاستراتيجية بين دمشق وبكين.
وأضاف.. إنها تسعى لإتمام وإطباق الحصار الاقتصادي على البلاد، ومنعها من التبادل التجاري مع أي دولة في العالم خصوصاً الصين أكبر دولة مصدرة في العالم، بهدف إخضاع الشعب السوري وقيادته، وبالتالي تمرير مشاريعها الاستعمارية والمهيمنة في الشرق الأوسط.
وتوفع أن تقوم أمريكا بخلق مزيد من التوتر داخل الأراضي السورية، لتعطيل المشاريع الاقتصادية والإنتاجية المثمرة بين دمشق وبكين، عبر فتح النار وزعزعة الأمن والاستقرار، سيما أن العامل الأمني هو الأهم في ضمان استمرار أي استثمار، لافتاً إلى ضرورة وجود تعاون عسكري صيني سوري لمحاربة الإرهابيين، سيما الإيغور الموجودين في إدلب والبالغ عددهم حوالي 4000 إرهابياً.