“النيو ليرة السورية”: هل تكون طوق نجاة للاقتصاد أم مقدمة لأزمة جديدة؟

تزايد في الآونة الأخيرة الحديث عن إطلاق عملة سورية جديدة تُعرف بـ”النيو ليرة”، وسط آمال شعبية بأن تساهم هذه الخطوة في إنقاذ الاقتصاد السوري المنهك، الذي يعاني من تدهور الليرة السورية وارتفاع في سعر صرف الدولار، إلى جانب أزمة ثقة عميقة بالسوق المالية.

جورج خزام: “النيو ليرة” قد تكشف السعر الحقيقي للدولار:

في هذا السياق، يرى جورج خزام، مستشار وزير الاقتصاد والصناعة لشؤون السيولة والنقد، أن إطلاق النيو ليرة يحمل فرصة لكسر احتكار الصرافين لسوق العملات، لكنه في المقابل يحذر من مخاطر فشل كبير إذا لم تُدار هذه التجربة بحكمة.

وفي منشور له على فيسبوك، أوضح خزام أن الإعلان عن النيو ليرة قد يدفع بالمدخرات المجففة إلى السوق من جديد، مما قد يؤدي إلى كشف السعر الحقيقي للدولار، والذي يقدّره بنحو 19,000 ليرة سورية للدولار الواحد، مقارنة بالسعر الرسمي الذي لا يعكس واقع السوق.

تشوهات اقتصادية تعمّق أزمة الليرة السورية:

يرى خزام أن أزمة العملة السورية ليست فقط في سعر الصرف، بل في السياسات الاقتصادية الخاطئة، التي أدت إلى:

1- تحرير عشوائي لسعر الصرف

2- فتح الاستيراد دون ضوابط

3- دخول سلع غير ضرورية مثل السيارات المستعملة

4- إغلاق آلاف المصانع والورش

5- ضعف الإنتاج المحلي

6- تفاقم البطالة وتراجع القوة الشرائية

هذه العوامل مجتمعة، وفق خزام، ساهمت في تكوين سعر صرف واقعي مرتفع للدولار، وزادت من الضغوط على الليرة السورية.

قيمة افتتاح “النيو ليرة”: بين الأمل والانهيار:

يقدّر خزام أن القيمة الافتتاحية للنيو ليرة يجب أن تكون عند 190 ليرة سورية مقابل الدولار، بناء على السعر الحقيقي للسوق، لا السعر الوهمي الرسمي.

لكنه يُحذر من كارثة مالية محتملة إذا فشل مصرف سوريا المركزي في تلبية طلبات البيع والشراء للدولار بهذا السعر. ففي حال عجز المركزي عن ضخ كميات كافية من الدولار، فإن السوق السوداء ستعود بقوة، وسيعتبر السعر الرسمي مجرد رقم وهمي بلا دعم نقدي فعلي.

المنصة الرسمية للدولار: الحل الوحيد لكبح المضاربة:

خزام يدعو إلى إنشاء منصة رسمية بإشراف المصرف المركزي السوري لبيع وشراء الدولار، تُحدد الأسعار بناءً على آلية العرض والطلب الفعلية. هذه المنصة تهدف إلى:

1- منع التلاعب من قبل الصرافين

2- تقويض صفحات التواصل الاجتماعي التي تبث أسعار مضللة

3- تعزيز الثقة بالنيو ليرة السورية

4- خلق شفافية مالية حقيقية

ويرى أن هذه المنصة ستكون الركيزة الأساسية لإنجاح أي تجربة عملة جديدة، خاصة في ظل هشاشة السوق السورية وسوابق التلاعب النقدي.

الليرة السورية فقدت 99% من قيمتها منذ 2011:

تجدر الإشارة إلى أن الليرة السورية فقدت أكثر من 99% من قيمتها منذ بداية الحرب في عام 2011، حيث كان سعر الصرف الرسمي يبلغ 50 ليرة مقابل الدولار، في حين تجاوز اليوم 10,000 ليرة لكل دولار في السوق.

هذا الانهيار الحاد في قيمة الليرة أدى إلى:

1- صعوبات كبيرة في التحويلات المالية

2- تدهور القدرة الشرائية للمواطنين

3- زيادة معدلات الفقر والبطالة

4- انخفاض ثقة المواطنين بأي إجراء نقدي أو اقتصادي جديد

هل تنجح النيو ليرة في إنقاذ الاقتصاد السوري؟

بين الآمال بانفراجة اقتصادية عبر النيو ليرة السورية، والمخاوف من تكرار سيناريوهات فشل العملة بسبب سوء الإدارة أو غياب الشفافية، يقف الاقتصاد السوري على مفترق طرق خطير.

فإما أن ينجح المصرف المركزي في استعادة زمام الأمور عبر خطوات مدروسة ومنصات شفافة، أو أن تتحول النيو ليرة إلى فقاعة جديدة تُضاف إلى سجل الأزمات المالية في سوريا.

إقرأ أيضاً: تحديات اقتصادية: ارتفاع سعر الدولار أمام الليرة

إقرأ أيضاً: ما معنى حذف الأصفار من العملة؟

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.