بعد مقتل وأسر عشرات المسلحين في جبل قنديل.. تنامي الخلافات بين أنقرة وفصائلها بريف حلب الشمالي
داما بوست- خاص
تشهد الفترة الراهنة في ريف حلب الشمالي، تصاعداً لافتاً في وتيرة الخلافات بين الفصائل المسلحة الموالية لأنقرة وداعمها التركي، وخاصة في ظل المعارك التي خاضها مسلحو الفصائل ضد “حزب العمال الكردستاني” في جبال “قنديل” شمال العراق، وتكبدوا خلالها عشرات القتلى والجرحى والأسرى على يد عناصر الحزب.
فعلى غرار سابقاتها من الجبهات الخارجية التي تدخلت بها عبر مسلحي الفصائل التابعة لها، كـ “أذربيجان” و”ليبيا” و”النيجر”، عملت أنقرة خلال الشهرين الماضيين على تجهيز وإرسال أعداد كبيرة من مسلحيها لمحاربة “حزب العمال الكردستاني” في جبال “قنديل” شمال العراق، بعد إغرائهم بعقود سنوية ثابتة تتضمن رواتب شهرية تتراوح ما بين /200/ و/400/ دولار أمريكي، إلى جانب ضمانات بتأمين مساعدات عينية دائمة لعائلاتهم.
ووفق ما أكدته مصادر محلية موثوقة الصحة لـ “داما بوست”، فإن أنقرة أرسلت بالفعل دفعتين من المسلحين إلى شمال العراق بعد تجميعهم قرب معبر “الراعي” الحدودي شمال شرق حلب، ونقلهم لاحقاً عبر الأراضي التركية إلى “كردستان”، حيث بلغ قوام المسلحين المشاركين في الدفعتين، ما يقارب /700/ مسلحاً غالبيتهم من التركمان المنتمين إلى فصيل “السلطان سليمان شاه” (العمشات) وفرقة “الحمزة”.
بذرة الخلاف بين أنقرة وفصائلها زُرعت منذ الأيام الأولى لبدء عمليات نقل المسلحين إلى “جبال قنديل”، حيث لاقت تلك الخطوة اعتراضات واسعة من قياديي معظم الفصائل الذين اعتبروا مهمة القتال في “قنديل” محض انتحار، خاصة في ظل جهلهم للطبيعة الجغرافية الصعبة بالمنطقة، على عكس المقاتلين الكرد الذين يمتلكون دراية تامة بكافة التفاصيل الطبيعية هناك، ويعرفون كيفية تسخيرها والاستفادة منها لصالحهم في المعارك.
والحال أن توقعات قياديي الفصائل تحققت بالفعل، حيث ذكرت المصادر لـ “داما بوست” أن اليومين الماضيين حملا في جعبتهما وصول الدفعة الأولى من جثث المسلحين المشاركين في معارك “جبل قنديل”، وتضمنت الدفعة /15/ جثة لمسلحين غالبيتهم من فصيل “العمشات”، تزامناً مع وصول أخبار لعائلات باقي المسلحين تُفيد بفقدان الاتصال مع نحو /20/ من مسلحي أنقرة، جراء وقوعهم في أسر عناصر “حزب العمال الكردستاني”، عدا عن عشرات الجرحى الذين تعذرت عملية إعادتهم من “قنديل”.
الخسائر الكبيرة التي تكبدها مسلحو الفصائل خلال أيام قليلة من مشاركتهم الفعلية في حرب “قنديل”، عززت من الخلاف الحاصل بين قياديي الفصائل والأتراك، واتهم القياديون، خلال اجتماع عُقد مع ضباط أتراك مؤخراً في مدينة أعزاز، أنقرة بمحاولة التخلص من الفصائل وإضعاف قوتها لتحقيق غاياتٍ سياسية، الأمر الذي أنكره الأتراك، وفق ما نقلته المصادر من تسريبات، معتبرين أنهم لم يجبروا أحداً على المشاركة في تلك المعارك.
وتمتلك أنقرة سجلاً واسعاً من التدخلات في الشؤون الخارجية والصراعات الدولية، باستخدام مسلحي الفصائل الموالية لها، حيث كانت أرسلت خلال السنوات الماضية دفعات كبيرة من أولئك المسلحين للمشاركة في الحرب الليبية، والحرب الأرمينية- الأذرية، وامتد تدخلها إلى دول وسط أفريقيا عبر إرسال مسلحيها للمشاركة في الحرب الأهلية بدولة “النيجر”، ما تسبب بمقتل وإصابة المئات من مسلحي الفصائل، دون تلقي عائلاتهم لأيٍ من التعويضات أو الرواتب أو المساعدات التي وعدتهم بها تركيا.