نصر مفقود وجيش مهزوم.. “إسرائيل” وأمريكا تستعجلان الخروج من مستنقع غزة
داما بوست- خاص نصر مفقود وجيش مهزوم، ويلوح في الأفق الغزاوي المنتصر، برغم الدمار هرولة “إسرائيل” وأمريكا للخروج من مستنقع غزة على نحو يحفظ ما تبقى لهما من ماء وجه أهرقته المقاومة الفلسطينية، صدمات الحرب في غزة تطارد الكيان وحلفاء النصر المفقود في الغرب، ولا تزال هذه الحرب مستمرة وليس هناك احتمال فوري لوقف العدوان، وكلما طال أمد الحرب، أصبح من الصعب السيطرة على عواقب ما يحدث في غزة، وهذا الأمر أصبح يشغل بال الكيان المهزوم وحليفته الراعية لحفلة الدم التي أشعلها في القطاع.
الأمريكيون وإن كان كلامهم مجرد تبجح ومراوغة يحثون “إسرائيل” منذ السابع من تشرين الأول الماضي على احترام قوانين الحرب في غزة، وتحديداً وقف قتل هذا العدد الكبير من المدنيين الفلسطينيين، وتظهر حقيقة استمرار المسؤولين الأمريكيين، بدءاً من الرئيس جو بايدن ومن هم في مناصب أقل، في تكرار انتقاداتهم، فهم يعتقدون أن “إسرائيل” تجاهلتهم، ويظهر في الواقع أنها تمثيلية متفق عليها ليس إلا.
“إسرائيل” وأمريكا تقتلان الطفولة
ومن باب الهروب إلى الأمام وإظهار أمريكا بثوب الإنسانية المثقوب، وخلال زيارته إلى “إسرائيل” هذا الأسبوع، أطلق وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن انتقاداته العلنية الأكثر جرأة حتى الآن لسلوك “إسرائيل” في الحرب، وقال إن هجمات المقاومة على “إسرائيل” لا يمكن استخدامها لتبرير معاملة الفلسطينيين بوحشية.
بليكن راح يتحدث عن الفلسفة الإنسانية، وقال في مؤتمر صحفي في “تل أبيب”: “لقد تم تجريد الإسرائيليين من إنسانيتهم بأفظع طريقة في السابع من أكتوبر، ويتم تجريد الرهائن من إنسانيتهم كل يوم منذ ذلك الحين، لكن هذا لا يمكن أن يكون ترخيصا لتجريد الآخرين من إنسانيتهم”.
وأدان بليكن نفسه وولاياته المتحدة وكيان الاحتلال حين قال: “الأغلبية الساحقة من الناس في غزة ليس لها علاقة بهجمات السابع من أكتوبر، فالعائلات في غزة التي يعتمد بقاؤها على المساعدات التي تسمح بها إسرائيل، هي مثل عائلاتنا تماماً، إنهم أمهات وآباء، وأبناء، يريدون كسب عيش كريم، وإرسال أطفالهم إلى المدرسة، ويريدون أن يعيشوا حياة طبيعية، فهذا ما يريدونه”.
ونقول لـ بليكن لماذا إذا أرسلتم قنابلكم لقتلهم وتدمير القطاع فوق رؤوسهم، ومع ذلك، اختارت الولايات المتحدة التي تتغزل بإنسانيتها عدم فرض شروط على دعمها العسكري والدبلوماسي الضخم لـ “إسرائيل”. وهي مستمرة في تزويد “إسرائيل” بالأسلحة، رغم أنها تدعي وتزعم على أنها لا توافق على طريقة استخدامها، وهذا كلام محض كذب وتزوير للوقائع والأحداث، فهي تدعم القتل في غزة بالفعل.
بالفعل انتصرت المقاومة على الكيان ومن يدعمه، أما أمريكا و”إسرائيل” فلم يكن بوسعهم سوى الانتصار على أكوام اللحم من صغار ونساء وشيوخ، وعلى منازل ودور عبادة ومدارس أحالتها إلى ركام، الأطفال الصغار أصيبوا جميعا بصدمات نفسية عميقة بسبب هذه الحرب الهمجية غير المسبوقة، وهم يعيشون في ظروف قاسية هذا انتصار الكيان في القطاع.
أمريكا تعي الخطر المحدق بها من استمرار الحرب على غزة
“إسرائيل” تحاصر الإنسانية لتحرز نصرها المفقود والوهمي، تقيد حركة قوافل الإغاثة داخل القطاع، ولم يصل إلى شمالي غزة سوى قدر ضئيل للغاية من المساعدات الطبية والغذائية، وتستمر الحرب ولا آذان صاغية لما تحذر منه المنظمات الدولية من خطر استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية العدوانية وتوسعها في منطقة رفح جنوبي القطاع، بينما تتواصل ردود الفعل حول خطة طرحها رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي حول مستقبل غزة.
أمريكا باتت تعي الخطر المحدق بها من استمرار الحرب على غزة، ووزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، رفض بلسان الولايات المتحدة أي “احتلال جديد” لغزة بعد انتهاء الحرب، وذلك رداً على إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خطة لملامح الوضع بعد انتهاء الحرب الدائرة في القطاع منذ السابع من تشرين الأول الماضي.
وتتزايد حساسية “إسرائيل” تجاه الاتهامات بأنها مسؤولة عن معاناة المدنيين في غزة، بسبب الضغوط التي تمارس عليها، وقضية الإبادة الجماعية التي تواجهها في محكمة العدل الدولية في لاهاي.
وبعد أربعة أشهر من الحرب، انهار القانون والنظام في غزة بصورة كبيرة، وانهار كل شيء “إسرائيل” تسرق الطعام، والهواء والماء والحياة من القطاع، لكنها تشعر في قرارة نفسها بالهزيمة وتحاول بأسرع وقت الخروج من نفق غزة المظلم الذي جعلها يائسة ومنهارة، كما الأبنية التي دمرتها في غزة الجريحة.