تحذيرات رسمية من تفشي الفساد في سوريا.. الجهاز المركزي للرقابة المالية يدق ناقوس الخطر
أطلق رئيس الجهاز المركزي للرقابة المالية محمد عمر قديد تحذيرًا شديد اللهجة حول توسّع مظاهر الفساد داخل مؤسسات الدولة، محذرًا من تحول الرشوة إلى “سلوك طبيعي” يجري التعامل معه بخفة، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى استعادة الثقة بالقطاع العام وجذب الاستثمارات.
رشوة صغيرة.. تأثير خطير على الاقتصاد الوطني:
وأوضح قديد، في منشور عبر منصة “إكس”، أن أخطر ما يهدد الاقتصاد السوري ليس حجم الرشوة، بل تطبيع وجودها باعتبارها خطوة روتينية أو “تفصيلًا بسيطًا” داخل المؤسسات.
وأكد أن هذه الممارسات، مهما صغرت، تنسف ثقة المستثمر المحلي والأجنبي، وتدفع الشركات الجادة إلى تجنب العمل في بيئة اقتصادية تفتقر للشفافية، ما يفاقم التحديات أمام مرحلة إعادة الإعمار وتشغيل القطاعات الحيوية.
كما انتقد قديد استخدام مصطلحات مثل “تسهيل” أو “مجاملة” لوصف أعمال الفساد، معتبرًا أنها محاولات تبريرية تهدف إلى إخفاء عمليات ابتزاز واضحة.
وكشف عن حادثة حديثة تتعلق بتلاعب موظفين بحسابات أحد التجار مقابل مبالغ زهيدة، مشددًا على أن الجهاز لن يتهاون في محاسبة المسؤولين المتورطين مهما كانت رتبهم.
أرقام رسمية: خسائر تتجاوز نصف مليار دولار:
تتوافق تصريحات قديد مع تقارير حديثة صادرة عن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش، قدّرت حجم الضرر الواقع على المال العام بأكثر من 500 مليون دولار خلال السنوات الأخيرة.
وتشير البيانات إلى أن قطاعات الطاقة والخدمات والثروة المعدنية كانت الأكثر تضررًا، في وقت يشهد الاقتصاد السوري تراجعًا حادًا في الموارد والإنتاج.
التشريعات موجودة.. لكن التنفيذ هو التحدي:
تنص القوانين السورية على عقوبات قد تصل إلى 10 سنوات سجن في جرائم الرشوة واختلاس المال العام، لكن خبراء الحوكمة يرون أن المشكلة الأساسية تكمن في تنفيذ القوانين وضمان استقلال المؤسسات الرقابية بعيدًا عن النفوذ والمحسوبيات.
ويجمع الخبراء على أن نجاح المرحلة الانتقالية مرتبط بقدرة الحكومة على مكافحة الفساد وإرساء قواعد شفافة تحمي المستثمر والمواطن على حد سواء، خصوصًا في ظل الحاجة الملحة لإعادة بناء الثقة العامة.
إقرأ أيضاً: تحديات تُعيق تفعيل الأجهزة الرقابية في سوريا.. بين الفساد والمحسوبيات