داما بوست- خاص| يجول المسؤولون الأمريكيون بين الحين والآخر في المنطقة بزيارات وتحركات مشبوهة تحت عناوين الدبلوماسية الأمريكية المخادعة ومحورها النفاق والتضليل في البحث عن حلول لملفات عالقة وساخنة، ومنها الملف النووي الإيراني وقضية الصراع العربي الإسرائيلي، وحرب الاحتلال على غزة ولبنان، وحرب السودان، وما إلى هنالك من قضايا وأزمات.
التحرك الأمريكي الأخير لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يأتي في سياق ضمان المصالح الأمريكية في المنطقة وتعكير الأجواء الإيجابية فيها، وفي المقام الأول يستهدف التحرك ضمان الأمن الإسرائيلي والتفوق الاستراتيجي للعدو الصهيوني في المنطقة، فالأراضي الفلسطينية المحتلة تغلي، وتشهد منذ شهور عديدة تصعيداً مستمراً خطيراً، ناهيك عن العدوان المستمر على لبنان، والأوضاع المتوترة على الحدود بين مصر وفلسطين المحتلة.
ومن المحال أن تحرك الإدارة الأمريكية أي ساكن في سبيل لجم “إسرائيل “، فهي الأداة المنفذة لفكرها الفوضوي والتقسيمي، والتصريحات التي تطلقها واشنطن على لسان بلينكن لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتسوية في لبنان عبثية، وتساوي بين الضحية والجلاد والمعتدي والمعتدى عليه، كامتداد طبيعي للسياسة الأمريكية والارتباط العقائدي بين الساسة الأمريكيين الحاكمين والصهاينة دون الأخذ بالاعتبار لحقوق الشعب العربي الفلسطيني ومعاناته.
ما يرعب واشنطن اليوم، ويسيطر على التفكير الأمريكي التحالفات والتكتلات التي بدأت تتبلور في العالم كتحالف إيران القوي مع روسيا والصين، والذي تراه أمريكا خطراً يهدد مصالحها ووجودها في المنطقة، وبالرغم من انزعاج واشنطن من صعود نجم الصين وتحالفه مع روسيا ودول عديدة إلا أنها تتبع سياسة المكر والحذر وتتفادى أي مواجهة عسكرية مباشرة مع خصومها، ضماناً لاستمرار قوتها ومنعاً للإطاحة بخططها المستقبلية في المنطقة والعالم.
بلينكن في المنطقة ورسالته واضحة في محاولة خلط الأوراق وشحن الأجواء في الاتجاه السلبي، ويبدو أنه سيعود بخفي حنين، فالوضع في المنطقة تغير على عكس ما ترغب واشنطن وباتت الرياح تهب بعكس ما تشتهي سفنها، وحكومة العدو الإسرائيلية الماضية في مخططاتها ومشاريعها العدوانية، متأهبة يدب الذعر في قلبها بفعل الصحوة العربية الكبيرة وتعاظم قوة المقاومة بالمنطقة،وخصوصاً بالأراضي الفلسطينية المحتلة وفي لبنان حيث يخوض حزب الله معارك بطولية ضد وحش الاحتلال الذي يهجم للتوغل في أراضي لبنان.
زياراتٌ بلينكن المكوكية المتوالية للمنطقة كرر فيها التصريحات نفسها، حول “وقف إطلاق النار”، لكن كلمة السر في مكان آخر وربما كانت عبارة وقف إطلاق النار هي كلمة السر في نقيضها لاستمرار القصف والقتل في غزة ولبنان، وهذا يتوضح أكثر بعد رحيل ظله الأسود عن المنطقة، من خلال تصاعد وتيرة القصف والقتل والإبادة، ليظهر كمهندس للإبادة ودبلوماسي للقتل بكل معنى الكلمة.
الدبلوماسية الأمريكية لا تتغير بتغير رؤوسها وهي ثابته في النهج وليس لها أي مفاعيل إيجابية على الأرض خصوصاً ما يتعلق بأي حلول تجاه خصومها في المنطقة، وسواء كان بيلنكن أو غيره في الواحهة الدبلوماسية فإن السعي لمنع الأزمات من الحدوث أو تحجيمها قبل خروجها عن السيطرة أمر ليس بالوارد فأمريكا مهندسة الفوضى في العالم، والأداء السياسي والدبلوماسي الأميركي المتمثل بشخص بلينكن لاقيمة له بدءاً من الحرب بين روسيا وأوكرانيا وصولاً إلى حرب الإبادة الصهيونية في غزة، وما يجري من تدمير في لبنان وقتل للأبرياء، ويبدو أن الإدارة الأمريكية لا يهمها ولا يعنيها حتى نشوب حرب شاملة مجهولة النتائج والعواقب، والتي لا شك ستكون كارثية على أمريكا و”إسرائيل” أكثر من الجميع في المنطقة.