خبير اقتصادي: مضاربات السوق السوداء تعمّق أزمة الليرة
حذّر الخبير الاقتصادي جورج خزام، مستشار وزير الاقتصاد والصناعة في سوريا، من المخاطر المتصاعدة للمضاربات التي يقودها الصرافون في السوق غير الرسمية للعملة، معتبرًا أن ما يجري ليس سوى “لعبة مدروسة” تستهدف تحقيق أرباح ضخمة على حساب استقرار الليرة السورية والاقتصاد الوطني.
دورة مضاربة متكررة
وأوضح خزام أن موجة الارتفاع الأخيرة في سعر الدولار ليست حركة طبيعية، بل فصل جديد من سلسلة مضاربات اعتاد عليها الصرافون خلال السنوات الماضية. فبحسب تقديره، استغل المضاربون التذبذب الأخير لشراء الدولار بسعر لا يتجاوز 10,800 ليرة، ثم ضخه في السوق عند مستويات تجاوزت 11,300 ليرة، محققين أرباحًا تصل إلى 9 بالمئة خلال فترة وجيزة، في وقت يعيش فيه الاقتصاد السوري حالة انكماش حاد وتآكل مستمر في القدرة الشرائية.
وأشار إلى أن هذه الممارسات تعكس آلية بسيطة لكنها قاتلة لاقتصاد هش، إذ يحقق الصرافون مكاسب مضاعفة مع كل دورة انخفاض وصعود لسعر الصرف، بينما يخسر المواطنون القيمة الحقيقية لمدخراتهم وتتراجع رواتبهم الشهرية بشكل متسارع.
تباين بين السعر الرسمي والموازي
في الوقت الذي أبقى فيه مصرف سوريا المركزي سعر صرف الدولار في البنوك عند 11,000 ليرة للشراء و11,110 ليرات للبيع، بمتوسط بلغ 11,055 ليرة، وصل سعر الدولار في السوق الموازية إلى 11,150 ليرة للشراء و11,200 ليرة للبيع. ويرى خزام أن هذا التباين يعزز قدرة السوق السوداء على فرض إيقاعها على المشهد المالي، في ظل عجز رسمي عن التدخل بضخ كميات كافية من النقد الأجنبي أو ضبط حركة المضاربة.
انعكاسات على الأسعار والسلع الأساسية
لا تقتصر آثار هذه المضاربات على سوق الصرف فحسب، بل تمتد – بحسب خزام – إلى إشعال أسعار المواد المستوردة، مثل القمح والدواء والمشتقات النفطية. ومع كل قفزة في سعر الدولار، ترتفع فاتورة الاستيراد، ليتحمّل المستهلك النهائي عبء زيادة الأسعار، في ظل تضخم تجاوز 300 بالمئة منذ عام 2020 وارتفاع أسعار السلع الأساسية بأكثر من 20 بالمئة خلال الأشهر الماضية فقط، وفق تقارير برنامج الأغذية العالمي.
فقدان الثقة بالاستقرار النقدي
توقع خزام أن عودة سعر الدولار إلى مستوى 11,600 ليرة، وربما تجاوزه لاحقًا، ليست سوى نتيجة حتمية لهذه المضاربات، التي تقوم على جمع الدولار عند المستويات المنخفضة ثم رفعه تدريجيًا عبر تسعير وهمي. وحذّر من أن استمرار هذه الدورة سيبقي الليرة السورية في مسار انحداري، ويقوّض ثقة المواطنين بأي إجراءات رسمية لتحقيق الاستقرار.
دعوة إلى اعتراف وضبط
وأكد الخبير الاقتصادي أن مواجهة هذه الأزمة تتطلب أولًا اعترافًا رسميًا بسيطرة السوق السوداء على المشهد المالي، ثم وضع سياسات أكثر شفافية قادرة على ضبط العرض والطلب، وتأمين مصادر حقيقية من النقد الأجنبي عبر تنشيط الصادرات وجذب الاستثمارات.
وختم خزام بالقول إن استمرار غياب هذه الآليات سيجعل الاقتصاد السوري رهينة لمضاربات تضر بالعملة الوطنية وتزيد من معاناة المواطنين، في ظل دوامة تضخم وارتفاع أسعار لا يبدو أن لها نهاية قريبة.
اقرأ أيضاً:مسؤول: ارتفاع أسعار السلع مرتبط بتقلبات سعر الصرف