موظفو التربوية السورية يواجهون الإغلاق ولا رواتب

تحوّل مبنى قناة الفضائية التربوية السورية منذ 14 أيلول/سبتمبر الحالي من منصة لبث الدروس التعليمية إلى أبواب موصدة بالحديد. أمام المبنى المغلق، يقف عشرات الموظفين الذين وجدوا أنفسهم فجأة بلا عمل، يوقعون على دفاتر حضور أعدّوها بأنفسهم في محاولة لإثبات استمرارهم في أداء واجباتهم.

القرار الذي أوقف البث لم يصدر بشكل رسمي أو موثّق، بل جاء شفهياً، ليترك نحو 110 موظفين من دون عمل أو مصدر دخل، في ظل ظروف معيشية صعبة. أربعون منهم مثبتون على الملاك الإداري، فيما يعمل البقية بنظام “البونات” المؤقت. وتوقف صرف رواتبهم منذ تسعة أشهر، قبل أن يتم فصلهم عملياً هذا الشهر عبر نقل تعسفي أو إغلاق مقار عملهم.

تاريخ القناة ومصير غامض

القناة، التي أُطلقت في حزيران/يونيو 2009 عبر قمري عربسات ونايل سات، تأسست كمنبر لبث الدروس التعليمية والبرامج التربوية، قبل أن تنتقل تبعيتها لاحقاً إلى وزارة التربية السورية. لكن مع قرار الإغلاق الأخير، بدا أن مصير العاملين فيها بات مجهولاً.

صفوان المحمد، أحد الموظفين، يروي لـ”العربي الجديد”: “أغلقوا المبنى فجأة، ولم يسمحوا لنا حتى بأخذ أغراضنا الشخصية. نُقلنا بعدها إلى مدرسة ابن خلدون، ثم إلى مقر مؤقت أغلقوه لاحقاً ولحموا بابه بالحديد. لم نتقاضَ رواتبنا منذ تسعة أشهر. كأننا متهمون بجريمة لا نعرفها”، على حد قوله.

أما راشد العمران، وهو مخرج في القناة، فأكد أن عمل الفضائية كان تعليمياً بحتاً: “كنا نصوّر الدروس ونعدّ البرامج التربوية، ولسنا طرفاً في أي إعلام سياسي. فجأة وجدنا أنفسنا بلا عمل أو راتب، ومن دون أي كتاب رسمي يوضح ما يجري. يقال إن القناة ستعود بعد الترميم، لكن لماذا نُقصى نحن؟ أليس من المنطقي الاستفادة من خبراتنا بدلاً من إقصائنا؟”

صمت رسمي وتساؤلات مفتوحة

حتى الآن، لم تُصدر وزارة التربية أو الإعلام أي بيان رسمي يوضح أسباب إغلاق القناة أو خطة التعامل مع العاملين. هذا الصمت فاقم الغموض، وترك الباب مفتوحاً أمام تكهنات حول مصير المشروع الإعلامي التعليمي ومستقبل موظفيه.

ميسون الخالدي، من فريق القناة، علقت بالقول: “نحن لسنا مجرد أرقام يمكن شطبها بسهولة. نحن من صنع محتوى هذه القناة منذ انطلاقها. إقصاؤنا بهذه الطريقة إهانة لخبراتنا ولسنوات عملنا في خدمة التعليم”، على حد تعبيرها.

أزمة أوسع في الإعلام التعليمي

يرى مراقبون أن هذه التطورات تعكس أزمة أعمق في إدارة الإعلام التعليمي في سورية. القرارات المفاجئة، وغياب التخطيط الإداري والتمويل المستدام، تجعل أي مشروع تعليمي إعلامي هشاً أمام الضغوط المالية والسياسية. إغلاق القناة من دون خطة واضحة أو ضمانات للكوادر يهدد بخسارة خبرات مدرّبة في وقت تحتاج فيه البلاد بشدة إلى دعم التعليم والتعلم عن بُعد، خصوصاً في المناطق التي تعاني ضعف البنية التحتية للمدارس.

وبينما تبرر الوزارة الإغلاق بوجود خطط للترميم تمهيداً لإعادة البث، يبقى مصير الموظفين غير محسوم. هؤلاء يواصلون الحضور يومياً والتوقيع على دفاتر أعدّوها بأنفسهم، على أمل أن يلتفت أحد إلى قضيتهم. يقول راشد العمران: “لسنا طلاب مكاسب شخصية، نحن فقط نطالب بحقنا في عملنا وراتبنا. من غير المقبول أن ينتهي المطاف بمربي أجيال ومهندسي بث إلى الوقوف أمام أبواب مغلقة”.

اقرأ أيضاً:محافظة السويداء تتحرك لمعالجة الأزمات: صرف للرواتب ودعم للبنى التحتية

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب تويتر انستغرام

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.