سيناريو تموز يكتب من جديد.. “إسرائيل” تسقط في عقد الإخفاق وعقيدة حزب الله تربح الرهان
مرغ حزب الله أنف الاحتلال في 2006 بتراب لبنان، ووضعت "إسرائيل" لها أهدافاً للحرب، في محاولة لكسب نصر غاب وسحق تحت أقدام المقاومة اللبنانية.
داما بوست- خاص| زعمت “إسرائيل” في تموز عام 2006 أنها ستدمر حزب الله في لبنان، وشنت عدوانها الشامل والمفتوح وانكسرت على عتبات وأبواب الجنوب وعركت دباباتها عرك الأديم على الثرى اللبناني.
كانت حرب 2006 في حد ذاتها درساً كبيراً للكيان لكنه لا يريد أن يستوعب الدرس، ففي 12 تموز 2006 شن مقاتلو الحزب هجوماً عبر الحدود وقتلوا 8 جنود إسرائيليين (بينهم 5 أثناء عملية إنقاذ إسرائيلية فاشلة)، وأسروا جنديين، وطالب الحزب بمفاوضات غير مباشرة تهدف إلى مبادلتهم سجناء ومعتقلين بالسجون الإسرائيلية.
وردت “إسرائيل” بحرب شاملة ومفتوحة، بدأت بحصار بحري وعمليات قصف جوي مكثف ثم توغل بري، واستمرت المعارك لمدة 33 يوما، قتل فيها 121 جندياً إسرائيلياً و44 مستوطناً.
وفي ذلك التاريخ الذي مرغ حزب الله أنف الاحتلال فيه بتراب لبنان، وضعت “إسرائيل” لها أهدافاً للحرب، الإفراج غير المشروط عن الجنديين الأسيرين، ونزع سلاح حزب الله، في محاولة لكسب نصر غاب وسحق تحت أقدام المقاومة اللبنانية، وانسحبت “إسرائيل” نهائياً من جنوب لبنان ما عدا مزارع شبعا بمقتضى القرار الأممي رقم 1701.
واليوم تزعم “إسرائيل” أنها أضعفت حزب الله بشكل كبير خلال الأسبوع الماضي بل وأعادته 20 عاماً للوراء، وأن أمريكا لا تزال تعمل بقوة خلف الكواليس لإقناع الكيان بعدم التصعيد أكثر وشن توغل بري في لبنان، وهذا محض هراء كهراء أيام تموز الذي أزهر نصراً للمقاومة ولبنان وبقيت ذكرى انتصاره لليوم تؤرق العدو الإسرائيلي.
وضع الكيان الصهيوني قبل عدوانه على لبنان في 2006 أهدافاً كثيرة توهم بتحقيقها، ولم تحقق “إسرائيل” عمليا أيا من تلك الأهداف التي وضعتها، بل وجدت القيادات العسكرية والسياسية الإسرائيلية نفسها في حالة من الارتباك والتخبط العسكري والسياسي أشبه ما يكون بالحرب الدائرة في جبهتي الجنوب والشمال حالياً، على ضوء خسائر لم تكن محسوبة ومفاجآت غير منتظرة في الأداء القتالي لحزب الله وتكتيكاته، وأدت تلك الخسائر عملياً إلى إنهاء رئيس وزراء الاحتلال إيهود أولمرت سياسياً.
اقرأ يضاً: في تكرار لجرائم حرب تموز.. الاحتلال يستهدف لبنان بأسلحة محرمة دولياً
ولا أحد منا ينسى تقرير فينوغراد، الذي أعدته لجنة التحقيق الإسرائيلية التي تشكلت في 17 تموز 2006، ونشرته في 30 كانون الثاني 2008 والذي خلص إلى النتيجة، التي تقول بفشل جيش الاحتلال الإسرائيلي، وخاصة بسبب سلوك القيادة العليا والقوات البرية، في تقديم رد عسكري فعال على التحدي الذي فرضته عليه الحرب في لبنان.
وما أقرب اليوم للأمس وأولمرت لـ نتنياهو، والنتائج لبعضها، وبمعايير الأهداف التكتيكية لتلك الحرب، يرى محللون أن حزب الله حقق انتصاراً عسكرياً ونفسياً، وأن “إسرائيل” هزمت، وفوجئت تماماً بالقدرات العسكرية والتنظيمية المتطورة التي يمتلكها الحزب، حيث استطاع على سبيل المثال تدمير 50 دبابة إسرائيلية خلال نحو 5 أسابيع من الحرب واستهداف بارجة حربية، وطالت صواريخه مواقع جديدة في “إسرائيل”.
وأسفرت حرب 2006 ونصرها التموزي لحزب الله عن معادلة ردع ومنعت اندلاع حرب شاملة، طوال نحو عقدين، واستعاضت عنها “إسرائيل” بعمليات اغتيال جبانة زادت وتيرتها في الحرب الجارية واشتباكات محدودة لا تخرج عن تلك المعادلة.
“إسرائيل” اليوم تستعد لخسارة أخرى في 2024 برغم زعمها أنها ستعيد حزب الله عقدين من الزمن إلى الوراء، وسيناريو نصر تموز يكتب من جديد للمقاومة برغم سعار الاحتلال وشهوة القتل والتدمير التي تعتريه ويترجمها في قصف المدنيين في الجنوب وضاحية بيروت.
حزب الله يمسك بزمام المعادلة في الحرب وتمكن بعد إخلاء مستوطنات الشمال من فرض منطقة أمنية بطول 5 كيلومترات تقريباً داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما شكل ضغوطاً على القيادة الإسرائيلية التي تتخبط وتقصف خبط عشواء، لتدمر المباني وتهجر السكان وفقاً لعقيدة نتنياهو الوحشية التي تأبى الإصغاء لصوت العقل والمنطق، والقناعة بأن أصحاب الأرض هم المنتصرون.
الاحتلال خسر الرهان برغم حجم التدمير الكبير الذي يلحقه بالمدن والقرى الجنوبية، وضاحية بيروت، وهذا السلوك سلوك الجبناء في الحرب ممن يخفقون في ساحات المواجهة والميدان العسكري كما يحصل كذلك في غزة.
وتساور المؤسسة العسكرية الإسرائيلية شكوك كثيرة في نجاح حملة عسكرية سريعة وواسعة تحقق لها نصراً حاسماً مزعوماً بناء على اختبار حرب غزة الجاري وصراعات سابقة مع حزب الله، وما أثبته الحزب من تطور في تكتيكاته القتالية وترسانته في السنوات الأخيرة، وقدرة على ممارسة أساليب الحرب النفسية يجهل معظم قادة الكيان على يقين بحتمية الفشل والخسارة أمام حزب الله.
وفي الحرب الجارية، توضح الفشل الصهيوني بشكل واضح وكبير، فحزب الله استعمل منظومات دفاع جوي أسقطت مسيرات إسرائيلية متطورة مثل “هيرمس 450″ و”هيرمس 900” ، إضافة إلى الترسانة المعلومة لحزب الله، تخشى “إسرائيل” من وجود مفاجآت لم يعلن عنها الحزب اللبناني، تتعلق بالصواريخ الثقيلة ذات القدرات التدميرية الأعلى، ولا طاقة للكيان بتحملها.
وتدرك “إسرائيل” أيضاً أنها فقدت جانباً من قوة الردع وتخلخلت أسس عقيدتها الأمنية والعسكرية بتأثيرات حرب تموز 2006، ثم بمفاعيل هجوم المقاومة يوم 7 أكتوبر، لكنها تبحث عن انتصار مزعوم وغائب وراء أقدام المقاومة يعيد لها قوة الردع التي تلاشت، وتخشى في المقابل من حرب استنزاف طويلة ومرهقة لجيشها واقتصادها ومجتمعها الذي انهار نفسياً واقتصادياً وعسكرياً.
اقرأ أيضاً: حزب الله يستهدف قواعد عسكرية إسرائيلية قرب حيفا.. والعدو مستمر بعدوانه على لبنان