تذبذب سوق السيارات في شمال شرق سوريا: أسباب الركود وتأثير القرارات الرسمية

يشهد سوق السيارات في شمال شرق سوريا حالة من التذبذب بين الركود والانتعاش المؤقت، متأثرًا بعوامل سياسية واقتصادية وأمنية. وعلى الرغم من القرارات الرسمية الأخيرة التي هدفت إلى تنظيم السوق وخفض الرسوم الجمركية، إلا أن حركة البيع والشراء ما تزال مرتبطة بشكل وثيق بالوضع العام في البلاد.

ركود وتراجع أسعار السيارات:

بحسب ماجد هادي، صاحب مكتب سيارات في تل تمر، فإن السوق شهدت “نكسة” في الأشهر الأربعة الأولى عقب سقوط النظام، حيث انخفضت حركة البيع رغم أن الأسعار كانت مرتفعة نسبيًا آنذاك.
وأضاف لموقع “ألترا سوريا” أن أسعار بعض السيارات تراجعت بشكل ملحوظ؛ إذ هبط سعر سيارة الفيركروز من نحو 14 ألف دولار إلى أقل من 10 آلاف دولار، بينما انخفضت أسعار سيارات السانتافيه كولد (الضفدع) من 8 آلاف إلى ما بين 4,500 و6,000 دولار.

وأوضح هادي أن الأسعار لا تعتمد فقط على سنة الصنع أو المواصفات، بل أيضًا على عوامل مثل تكاليف الصيانة وتوفر قطع الغيار ونوع الوقود. لذلك، قد يتساوى سعر سيارة موديل 2008 مع سيارة 2014 من نفس الشركة إذا كانت الأولى أكثر اقتصادية.

تفضيل السيارات المسجلة لدى الإدارة الذاتية:

ورغم انفتاح السوق، يفضل المشترون السيارات المسجلة لدى الإدارة الذاتية الكردية لشمال وشرق سوريا، حتى لو كان سعرها أعلى، نظرًا للثقة في جودتها وشرعية أوراقها. وكانت الإدارة قد منعت في وقت سابق دخول السيارات المقصوصة أو منخفضة الجودة، ما عزز من ثقة الزبائن.

تجربة شراء تكشف تفاوت الأسعار:

ديار علي، أحد المشترين مؤخرًا، أوضح أنه كان يبحث عن سيارة سانتافيه CM متوقعًا أن يجدها بأقل من 9 آلاف دولار بسبب الركود، لكنه فوجئ بعروض وصلت إلى 13,500 دولار، خاصة للسيارات البيضاء التي يزيد سعرها بمعدل 1,500 دولار، قبل أن يتمكن من شرائها بمبلغ 10 آلاف دولار.

نشأة سوق السيارات في شمال شرق سوريا:

منذ بداية الأحداث في سوريا، نشأ سوق مستقل للسيارات في شمال وشمال شرق البلاد، يعتمد على معابر مثل سيمالكا مع كردستان العراق وعون الدادات بين الإدارة الذاتية والفصائل الموالية لتركيا، إضافة إلى معابر مع تركيا. وقد أدى فرض الرسوم الجمركية من قبل الإدارة الذاتية إلى ارتفاع الأسعار مقارنة بمناطق أخرى مثل شمال حلب وإدلب، بينما كانت الأسعار في مناطق النظام أعلى بأربعة أضعاف بسبب الضرائب.

قرارات رسمية جديدة لإعادة تنظيم السوق:

بعد سقوط النظام، أصدر المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية قرارًا بإلغاء الرسوم الجمركية والضرائب بين مناطقها وبقية المناطق السورية، معلنًا فتح باب تسجيل جميع المركبات عبر مختلف المعابر. هذا القرار انعكس على توحيد السوق وربط البيانات مع دوائر النقل الحكومية في دمشق، ما يشير إلى تنسيق فني بين الطرفين رغم الخلافات السياسية.

تأثير الوضع الاقتصادي والزراعة على السوق:

يربط الخبراء حركة سوق السيارات بقدرة السكان الشرائية التي تراجعت بسبب الجفاف وتراجع الزراعة، باعتبارها المصدر الأساسي للدخل في المنطقة. ويؤكد التجار أن دعم المشاريع الزراعية يمكن أن ينعكس إيجابًا على أسواق السيارات والعقارات.

ولتلبية احتياجات ذوي الدخل المحدود، يعرض بعض التجار سيارات قديمة بأسعار تتراوح بين 1,500 و3,500 دولار مع إمكانية التقسيط، خصوصًا للموظفين الذين تتراوح رواتبهم بين 150 و300 دولار شهريًا.

ويبقى سوق السيارات في شمال شرق سوريا مرآة للتغيرات السياسية والاقتصادية والأمنية في البلاد. ورغم أن القرارات الأخيرة فتحت المجال أمام انتعاش نسبي، إلا أن استدامة الحركة التجارية مرهونة بتحسين الأوضاع المعيشية واستقرار البلاد.

 

إقرأ أيضاً: أسعار السيارات في سوريا ترتفع 60% بعد وقف استيراد المستعمل والكهربائي

إقرأ أيضاً: الأزمة تتفاقم: السيارات في سورية بأسعار خيالية

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.