أعلنت وسائل إعلام روسية مقتل قائد مجموعة فاغنر “يفغيني بريغوجين” وأحد مؤسسي المجموعة “ديمتري أوتكين” في تحطم طائرة في مقاطعة تفير شمال العاصمة موسكو، كانت متجهة نحو سانت بطرسبورغ.
وكان على متن الطائرة 10 ركاب بينهم 3 من أفراد الطاقم، لقوا حتفهم وسط غموض حول كيفية تحطم الطائرة، ما إن كانت الحادثة بسبب عطل تقني أو فني أو استهداف لها، ومن بين الركاب التي نشرت أسماؤهم “يفغيني بريغوجين، سيرغي بروبوستين، يفغيني ماكاريان، ألكسندر توتمين، فاليري تشيكالوف، ديمتري أوتكين، نيكولاي ماتوسيف، وأعضاء الطاقم هم ” أليكسي ليفشين وهوالقائد، رستم كريموف مساعد الطيار، كريستينا راسبوبوفا مضيفة طيران”.
وفتحت الوكالة الفيدرالية الروسية للنقل الجوي ولجنة التحقيقات الروسية تحقيقات في الحادث، فيما اتهمت قناة “غراي زون” الموالية لفاغنر ما سمتهم “الخونة” لروسيا بالحادثة، وكتبت على تليغرام “مات بريغوجين رئيس مجموعة فاغنر، بطل من روسيا، وطني حقيقي لوطنه الأم، يفغيني فيكتوروفيتش بريغوجين قُتل نتيجة أفعال خونة لروسيا”.
كيف تحطمت طائرة بريغوجين:
وحول الأسباب المبهمة حتى اللحظة حول كيفية تحطم الطائرة، نشرت صحيفة “كومرسانت” الروسية تقريرا نقلت فيه عن خبراء في مجال تحقيقات الكوارث الجوية أن الثقوب في جسم الطائرة وجناحيها تشير إلى أنها ربما أصيبت بصاروخ ما أدى لتعرضها لانفجار في الجزء الخلفي منها.
وكان قد أكد موقع “ريبار” العسكري الروسي أن طبيعة الأضرار بالطائرة لا تشير على الأرجح إلى أنها استهدفت بنيران دفاعات جوية، فيما أشارت مصادر إلى أن الطائرة لدى سقوطها كانت بجناح واحد فقط.
مقتل قادة فاغنر المحتمل وانعكاساته:
أكد المحلل السياسي والباحث في جامعة الصداقة بين الشعوب “ديميتري بريدجيه” في تصريح خاص لـ “داما بوست” أن مقتل بريغوجين وأوتكين سينعكسان على الداخل الروسي، لكن لن يؤثر ذلك بشكل كبير على العلاقات بين روسيا والدول المختلفة التي تتواجد بها شركة فاغنر، حسب قوله.
ويرى المحلل أن ما يجعل تأثير الحادثة ضئيلاً هو قيام روسيا بفرض سيطرتها على زمام الأمور عقب حادثة التمرد التي قامت بها فاغنر قبل نحو شهرين، وذلك سيجعل التأثير مهما كان حجمه هو لفترة قليلة ولن تطول، ويضيف الباحث.. “سيكون هناك تأثيرات على المجتمع الروسي والنظام السياسي ودوائر صنع القرار السياسي والعسكري في روسيا وهو ما سيحاول الغرب استغلاله”.
ومن جهة أخرى، أشار الباحث إلى سيناريوهات قد تكون قيد التحقيق لدى موسكو بأن تكون مخابرات الغرب قد تدخلت واغتالت قادة فاغنر، قائلاً.. “هذا أحد سنياريوهات قد تتحدث عنها القيادة الروسية، لكن يمكن أن يكون هناك خطة معينة أخرى، لا نعرف حتى الآن ملابسات الحادثة”.
ولفت “بريدجيه” إلى أن ردة الفعل الروسية قد تشبه ردة الفعل عند حدوث التمرد، فلم تشهد روسيا آنذاك تغييرات أو فوضى أو احتجاجات.
كيف ستتأثر المجموعة بمقتل قادتها:
الباحث “بريدجيه” أشار إلى أن الكرملين حتماً سيضع سيناريو للخروج من أزمة اغتيال بريغوجين التي ستؤثر على المجموعة بشكل عام قائلاً.. “لن يتوقف عمل الشركة بل سيبقى النشاط كما هو وأعتقد أن فاغنر لن تخسر جنودها أو أن يحدث تمرد جديد، ولن نشهد تغييراً في نشاطها بقدر كبير”.
ويؤكد المحلل أن احتمال ضم هذه المجموعة للقوات الروسية ليس سهلاً، ورغم ارتباطها وتبعيتها بشكل غير مباشر بالمخابرات الروسية وفرض السيطرة الروسية عليها، إلا أن دمجها بالجيش الروسي قد يورط القيادة العسكرية الروسية لأسباب عدة.
الرد الرسمي الروسي:
وحول عدم إصدار أي بيان روسي رسمي أو تصريح، أكد المحلل أنه من المبكر الحديث عن إصدار بيان من القيادة الروسية، مشيراً إلى أن موسكو ستتعامل بطريقة ذكية مع الحدث كما فعلت عند انقلاب “بريغوجين” قبل شهرين، وهذا يأتي في إطار عدم إحداث تأثير على المجتمع الروسي والداخل، حسب قوله.
وحول تلقي بوتين الخبر، نشرت شبكة “سي إن إن” نقلاً عن نشطاء مقاطع متداولة حول انتشار خبر تحطم الطائرة بالتزامن مع كلمة كان يلقيها الرئيس فلاديمير بوتين بمناسبة الذكرى الثمانين لمعركة كورسك في الحرب العالمية الثانية.
وكان بوتين يشيد بالجنود الروس الذين يقاتلون في أوكرانيا، ولم يتطرق إلى التقارير عن مصرع رئيس مجموعة فاغنر الذي تمرد على القيادة العسكرية الروسية أواخر يونيو/حزيران الماضي، حسب “سي إن إن”.
ردود الفعل الدولية:
أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن في كلمة صحفية قصيرة أنه لم يفاجأ من حادثة تحطم الطائرة الخاصة التي كانت تقل رئيس مجموعة فاغنر يفغيني بريغوجين، مشيراً في حديثه إلى أنه لا يستبعد أن يكون بوتين وراء الحادثة، قائلاً.. “لا أعرف ما حدث بالضبط، لكن من النادر حدوث شيء في روسيا لا يقف خلفه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين”.
وتناولت أوكرانيا هذا الخبر بصفته تحذيراً من قبل بوتين للنخب الروسية، على حد قولهم، وأكد مستشار الرئاسة الأوكرانية ميخايلو بودولياك أن بريغوجين وقع قرار إعدامه حين صدق وعد بوتين وضمانات لوكاشينكو، على حد قوله.
ونشرت صحيفة “واشنطن بوست” في مقال للمحلل الروسي في مركز “تشاتام هاوس” شكك فيه بمقتل بريغوجين قائلاً “إلى أن نعرف ونتأكد على وجه اليقين أنه بريغوجين الصحيح، دعونا لا نتفاجأ إذا ظهر قريباً في شريط فيديو جديد من أفريقيا”.
وأضافت الصحيفة.. “في وقت سابق من هذا الأسبوع، أصدر بريغوجين أول خطاب مصور له منذ التمرد، معلنا أن فاغنر كانت تحول تركيزها مرة أخرى إلى إفريقيا وتجنيد جنود ذوي خبرة لعمليات جديدة، وتم تصوير الفيلم في مكان صحراوي غير معروف.
ونقلت الصحيفة عن كاتب روسي وصفته بـ “المؤيد للحرب” قوله إن اغتيال بريغوجين سيكون له عواقب كارثية، لا سيما أنه لا يزال يحظى بتقدير كبير من قبل قوات الخطوط الأمامية في أوكرانيا” ووصف الكاتب الأشخاصَ الذين أصدروا الأمر بأنهم لا يفهمون “الحالة المزاجية” في الجيش والروح المعنوية على الإطلاق، حسبما نقلت الصحيفة.