بين “الدروز” و”الخطوط الحمراء”: هل تنجح “إسرائيل” في رسم معادلة جديدة؟

نشرت مجلة فورين بوليسي تقريراً مطولاً يناقش قدرة “إسرائيل” على فرض توازن أمني جديد في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة “حكومة الشرع”. التقرير يستعرض دور “إسرائيل” المتزايد في الجنوب السوري، من خلال تدخلاتها العسكرية ومحاولاتها رسم خطوط حمراء أمنية تعكس رؤيتها لدورها كقوة إقليمية في المنطقة.

وبحسب ماجاء في تقرير الصحيفة:

تهدئة في السويداء وسط تحديات مستمرة

بعد هدنة متكررة أنهت القتال في السويداء الذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص بين عناصر بدوية ودروز، تم الاتفاق على تبادل الأسرى وتسليم السلاح. سيطرت قوات الأمن السورية على المنطقة، وتعهد رئيس الحكومة الإنتقالية أحمد الشرع بحماية الأقليات ومحاسبة المتورطين. في الوقت ذاته، أوقفت “إسرائيل” قصفها وبدأت تقديم مساعدات طبية للمنطقة.

سوريا.. ساحة مفتوحة للتدخل الإسرائيلي

مع استمرار ضعف سيطرة حكومة الشرع على كامل الأراضي السورية التي ما تزال تحت نفوذ “فصائل” محلية، ترى “إسرائيل” أن سوريا تمثل مجالاً خصباً لتوسيع نفوذها وأمنها الإقليمي.

خلال 14 عاماً من الحرب، اقتصر الدور الإسرائيلي على ضرب مواقع إيرانية وحماية بعض الأقليات، لكن سقوط نظام الأسد في ديسمبر الماضي شكّل نقطة تحول، إذ سيطرت إسرائيل على مناطق منزوعة السلاح على الحدود وشنّت غارات على منشآت سورية، معلنة أن الجنوب السوري منطقة محظورة ليس فقط للميليشيات بل حتى للجيش السوري.

“شمشون الإسرائيلي” بين القوة والضعف

يرتبط التوصيف الذاتي الإسرائيلي في الشرق الأوسط بين قوتها العسكرية التي لا تضاهى وعدد من المخاوف الأمنية المتواصلة، خصوصاً بعد هجوم حماس في أكتوبر 2023 الذي فجّر قلقاً عميقاً داخل إسرائيل. فبالرغم من “النجاحات العسكرية” التي حققتها “إسرائيل” ضد حماس وحزب الله والبرنامج الإيراني، لا تزال ترى أن محيطها يمثل تهديداً دائماً.

في سوريا، يظهر الضعف الإسرائيلي في تخوفها من الفصائل والجيش السوري المتواجد في الجنوب، لكنها أظهرت قوتها بقرارها التدخل عسكرياً ضد الجيش السوري في المنطقة العازلة، بالإضافة إلى قصف مواقع استراتيجية في دمشق، ما اعتُبر استعراض قوة.

السياسة الداخلية وتأثيرها على موقف إسرائيل من الدروز

يتضمن المشهد السياسي الإسرائيلي تعقيدات داخلية، حيث تمثل الطائفة الدرزية لاعباً مؤثراً. “إسرائيل” التي تضم نحو 150 ألف درزي كـ”مواطنين” يخدمون في الجيش، تفاوتت سياساتها تجاه الدروز السوريين خلال الأحداث الأخيرة، مع تباين في دعمها بناءً على حسابات انتخابية وسياسية، إضافة إلى الجوانب الإنسانية.

حدود النفوذ الإسرائيلي

رغم القوة العسكرية، تواجه “إسرائيل” قيوداً خارجية وداخلية تحد من دورها كزعيم إقليمي. الموقف الأميركي، الذي يسعى لتجنب التورط العسكري المباشر، يفرض حدوداً على حرية إسرائيل في التصرف. كما أن الإنفاق العسكري الإسرائيلي، رغم كونه من الأعلى في العالم نسبة للناتج القومي، لا يضمن قدرة غير محدودة في خوض حروب طويلة الأمد.

خلاصة

يرسم التقرير صورة معقدة لإسرائيل بين قوة عسكرية معترف بها وخوف مستمر من التهديدات المحيطة، في ظل بيئة إقليمية متقلبة وتحديات داخلية وأميركية. وتبقى سوريا، بأوضاعها المتعددة والمتشابكة، ساحة اختبار حقيقي لقدرة “إسرائيل” على إعادة تشكيل توازن القوى وفق رؤيتها.

إقرأ أيضاً: هل يمهّد اتفاق وقف إطلاق النار في السويداء لبداية حكم ذاتي؟

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.