بين التحديات والفرص.. آفاق إعادة هيكلة الاقتصاد السوري في ظل تجربة ألمانيا التاريخية

يقف رجل الأعمال السوري سعيد مسوتي، المقيم في برلين، أمام منزله متأملاً مستقبل بلاده سوريا، التي يرغب في العودة إليها للاستثمار مجددًا، رغم الدمار الذي خلفته سنوات الحرب. سعيد يرى في سوريا اليوم فرصة للنهوض الاقتصادي مستلهماً من تجربة ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث واجهت تحديات مشابهة في أعقاب الصراعات التي عصفت بها.

يعتبر سعيد أن ظروف البلدين، من حيث حجم الدمار والاحتياجات، تحمل أوجه تشابه قد تساعد على فهم سبل التعافي في سوريا، وهو يرى أن “الإرادة السياسية والاقتصادية” ستكون العامل الحاسم.

الدروس الاقتصادية من ألمانيا بعد الحربين العالميتين

يرى الخبير الألماني دانييل روغنون أن انهيار العملة والثقة بالمؤسسات بعد الحرب العالمية الأولى، دفع إلى خطة إعادة هيكلة اقتصادية شملت إطلاق عملة جديدة مرتبطة بالذهب، بالإضافة إلى خطة داوس التي هدفت لتخفيف عبء الديون على ألمانيا وإعادة تنظيم البنك المركزي تحت إشراف دولي.

ويشير روغنون إلى أن هذه الخطوات وفرت استقرارًا مؤقتًا ساعد على بدء مرحلة من الانتعاش الاقتصادي، بينما شكّلت مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية بداية النهضة الحقيقية مع إصلاحات اقتصادية عميقة وخطة مارشال التي دعمت إعادة الإعمار.

الواقع السوري: تحديات متعددة وفرص محتملة

الباحث الاقتصادي السوري حسن حيدر العيلي يرى أن سوريا تمرّ بظروف مشابهة في بعض الجوانب، خصوصًا في ضعف العملة وتدهور الثقة، إلا أن هناك فروقًا مهمة تتعلق بالتشرذم السياسي وتهالك المؤسسات وتدمير البنية التحتية.

ومع ذلك، يشدد العيلي على أن سوريا تمتلك مقومات اقتصادية مهمة، من موارد طبيعية وقوى بشرية شابة، يمكن أن تُستثمر في إعادة البناء إذا توفرت استراتيجية إصلاح واضحة، تشمل ربط العملة بسلة من المنتجات أو العملات، وإعادة هيكلة الديون، وإصلاح مؤسسات القضاء والإدارة لجذب الكفاءات.

نظرة في الأرقام: من الدمار إلى النمو

تُظهر البيانات التاريخية كيف تحول الاقتصاد الألماني من دمار الحرب إلى واحد من أكبر اقتصادات العالم، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي الألماني بشكل ملحوظ ليصل إلى تريليونات الدولارات في العقود الأخيرة، مما يعكس نجاح برامج إعادة الإعمار والتنمية.

ختامًا

يبقى التساؤل مطروحًا لدى الكثير من السوريين حول إمكانية بناء اقتصاد قوي ومستدام بعد سنوات الحرب الطويلة. رغم حجم التحديات، فإن التجارب الدولية، ولا سيما النموذج الألماني، تقدم رؤى مفيدة يمكن الاستفادة منها في بناء مستقبل اقتصادي لسوريا.

إقرأ أيضاً:لجنة الظل.. سوريا تعيد تشكيل اقتصادها سراً وشقيق الشرع يتولى المسؤولية

حساباتنا: فيسبوك  تلغرام يوتيوب

المزيد ايضا..
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.