داما بوست – أديب رضوان| ما جرى في موسكو بالأمس أعاد بذاكرتنا إلى تاريخ السادس والعشرين من شهر تشرين الأول من عام 2002 حيث احتجز إرهابيون نحو 700 مواطن روسي في مسرح بموسكو، ما دفع القوات الروسية إلى اقتحام المبنى واستخدام الغاز لإخراج المهاجمين، في تطور أدى لمقتل 41 إرهابياً ووفاة 129 رهينة أيضاً.
فالهجوم الإرهابي الذي ضرب مجمع “كروكوس” التجاري في ضواحي العاصمة الروسية موسكو بالأمس وأدى إلى عشرات الضحايا بين قتيل ومصاب نكأ جراح الماضي وسلط الضوء على قائمة من الهجمات الإرهابية الكبيرة التي وقعت داخل روسيا في الخمسة والعشرين عاماً الماضية، والهدف زعزعة استقرار روسيا الاتحادية التي تقف إلى جانب الحق وتدافع عن الشعوب المظلومة وترفع لواء القوانين الدولية والإنسانية في العالم.
هجوم “كروكوس” الإرهابي الذي وصفه السياسيون بأنه الأسوأ من نوعه في روسيا في السنوات القليلة الماضية حيث قتل وأصيب العشرات، بعد أن فتح إرهابيون النار من أسلحة آلية في قاعة للحفلات الموسيقية.
وفي التحليل المنطقي لتطور الأحداث فإن هذه الجرائم الإرهابية لا بد أنها مرتبطة بحلف الناتو والغرب الاستعماري عبر وكلاء لهم في الجوار الروسي وهنا تؤكد المرجعيات السياسية أن الهجوم الارهابي في موسكو لا ينفصل عما خطط لروسيا في سياق المعارك المتنقلة مع الغرب، بدءاً من أوكرانيا وانتهاء بمنطقة الشرق الأوسط.
المسؤولون الروس وجهوا أصابع الاتهام بالمسؤولية عن الهجوم إلى القادة الأوكرانين ومن خلفهم طبعاً الداعمون من حلف العدوان الأمريكي أو حلف الناتو بالعموم، حيث أكدت لجنة التحقيقات الروسية اعتقال 4 من المتورطين في هجوم “كروكوس” الإرهابي في مقاطعة بريانسك قرب حدود أوكرانيا، مشيرة إلى أن المتورطين في الهجوم خططوا لعبور الحدود الروسية الأوكرانية وكانوا على تواصل مع أشخاص من الجانب الأوكراني.
إذاً أصابع الاتهام المباشر في الهجوم الإرهابي تشير إلى ضلوع الغرب في محاولة لوقف سلسلة الانتصارات الروسية في أوكرانيا في حربها ضد “النازية الجديدة”، ومواجهة مخططات الناتو في المنطقة المحيطة بروسيا.
كما لا يمكن أن نفصل بين الهجوم الإرهابي من جهة والتحذير الذي أصدرته السفارة الأمريكية قبل أيام بشأن احتمال وقوع هجمات في موسكو، مما يدلل على أن الاستخبارات الأمريكية إما مخططة أو داعمة، كما لا ينفصل عن رد الغرب الاستعماري على النجاح الباهر الذي حققته الانتخابات الرئاسية الروسية والتي فاز فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأغلبية ساحقة. الخارجية الروسية وضعت النقاط على الحروف بعد الهجوم الارهابي، قائلة: “أوكرانيا تحولت على يد الأنظمة الغربية إلى مركز لانتشار الإرهاب في أوروبا منذ 10 سنوات”، فيما وصف المفكر المصري عبد الحليم توقيت الهجوم الإرهابي بــ”المريب” لأنه جاء عقب فوز بوتين في الانتخابات الرئاسية وعقب تحذيرات السفارتين الأمريكية والبريطانية.
وأوضح المفكر عبد الحليم أن الريبة ازدادت مع البيانات الأمريكية التي صدرت عقب الهجوم الإرهابي إذ نلحظ أولاً في هذه البيانات تبرئة كاملة للطرف الأوكراني، إضافة إلى إعلان جماعة إرهابية كـ”داعش” وأخواتها مسؤوليتها عن التفجير ومن المفترض أن هذه الجماعات تستخدم كأدوات غربية”.
الإرهاب لا دين له ولا جغرافيا تحده وهو عابر للحدود، استطاعت الصهيونية العالمية والغرب الاستعماري، أن يسيطروا عليه لا بل صنعوه في بعض الأوقات ودفعوا به نحو الجبهات التي يريدون إشعالها لتكون حرباً بالوكالة عنهم في مناطق مختلفة من العالم ومنها في الشرق الأوسط والجوار الروسي.
كل ما سبق يؤكد حقيقة أن الحرب الروسية في أوكرانيا، كانت محطة ضرورية لحماية روسيا أولا والعالم ثانياً من شرور المخططات الغربية والناتو الذي حاول جعل أوكرانيا مقراً للنازية الجديدة ومرتعاً لتصدير الإرهاب إلى الدول الأخرى.