داما بوست – مارينا منصور
لا بد أنك سألت نفسك هذا السؤال من قبل، فالأمر يدعو للحيرة والتساؤل، كيف لحبة دواء صغيرة أن تعرف مكان الألم الذي يجب أن تذهب إليه في الجسم، وسط العديد من الأجهزة والأعضاء والتعقيدات، وكيف تعالج الحبة مختلف الأمراض وتسكن الألم المطلوب تسكينه؟
نكشف لكم في هذا المقال عن السر.
رحلة الدواء في الجسم
تبدأ رحلة الدواء عندما يدخل إلى الجسم، فيمر بالمعدة والأمعاء، ثم يتكسّر، لتنطلق المادة الفعّالة الداخلة فيه إلى مجرى الدم وتصل إلى وجهتها، فمن يدلّها على الاتجاهات؟.
يعمل الدواء في الجسم بآلية مشابهة لـ”البازل”، إذ تحوي المادة الفعالة محددات خاصة على سطحها، تمر في الجسم وتبحث عن “المستقبلات”، وهي جزيئات بروتينية موجودة على سطح الخلايا في الجسم، فتلتحم المادة الفعاّلة مع المستقبلات بآلية “القفل والمفتاح”، وعندها تتفعّل المادة الفعالة وتؤدي عملها وتعطي التأثير الطبي المطلوب وتسكن الألم.
فك الشيفرة
قد يتبادر إلى ذهنكم سؤال آخر، إذا كان التأثير الطبي العلاجي يحدث بهذه الطريقة المحددة، فكيف تحدث الآثار الجانبية للدواء؟ أي لماذا يعطي الدواء تأثيرات أخرى تختلف عن التأثير المطلوب؟
الجواب بسيط، بسبب ارتباط الدواء بمستقبلات أخرى موجودة على خلايا أخرى، فمثلاً الأدوية العلاجية لمرض السرطان تستهدف الخلايا التي تنقسم وتنمو بسرعة وذلك لوقف انقسامها ومنع انتشار المرض، فهذا هو التأثير العلاجي المطلوب، لكن يرتبط الدواء أيضاً بمستقبلات موجودة على خلايا في جذور الشعر، فيتسبب بحدوث تساقط فيه كتأثير جانبي لهذه الأدوية.
كيف أضمن الاستفادة الكاملة من الدواء؟
نسمع عبارات كثيرة من المرضى مثل “أخدت الدوا وما عملّي شي”، لكن ككل شيء في الحياة، أخذ الدواء له قواعد لضمان الاستفادة الكاملة منه.
فبدايةً عليك الالتزام بالتعليمات المرفقة بالدواء في وصفة الطبيب، كمواعيد أخذه والجرعة الموصوفة، واستفسر أكثر من الصيدلاني عن الطريقة الصحيحة لتناول الدواء، فوظيفته هي توجيه المريض للطرق الصحيحة لأخذ الدواء.
مثلاً، هناك أطعمة تبطل مفعول الدواء “تداخل غذائي – دوائي”، أو أدوية أخرى تتعارض مع الدواء الموصوف “تداخل دوائي – دوائي” لذلك عليك أن تخبر طبيبك بكل الأدوية التي تتناولها منعاّ لحدوث تداخلات خطيرة قد تؤدي إلى الوفاة، وأيضاً هناك أدوية تتداخل مع أمراض “تداخل دوائي – صحي” أي يمكن لدواء معين أن يتعارض مع حالتك الصحية لذا عليك أن تخبر طبيبك عن كل الأمراض التي تعاني منها، وبالنسبة للسيدات، يجب الحرص على إخبار الطبيب بفترة الحمل أو الإرضاع أو الدورة الشهرية لأن العديد من الأدوية تتداخل مع هذه الحالات.
كما يجب الالتزام بأخذ الدواء لكامل الفترة الموصوف بها، فمثلاً أدوية الالتهاب أو المضادات الحيوية لا تعطي استفادة كاملة إذا تم أخذها ليومين ومن ثم توقف المريض عن أخذها، بل يجب أن يأخذها لـ 5 إلى 7 أيام “كورس كامل” حسب إرشادات الطبيب لتتحقق الفائدة العلاجية.
وبعض الأدوية تتطلب تناولها في الوقت نفسه كل يوم، كمانعات الحمل الفموية أو أدوية الالتهاب، فإرشادات الطبيب بأخذ الدواء كل 12 ساعة مثلاُ، تعني أنك إذا أخذته عند الساعة 10 صباحاً، عليك أن تأخذه بالضبط عند الساعة 10 مساءً لتحقيق أفضل استفادة علاجية، لذلك اضبط المنبه في ساعة محددة كل يوم تجنباً للنسيان.
وإن عبارة “قبل الطعام” أو “بعد الطعام”، المرفقة للدواء في الوصفات، تعني بالضبط قبل الطعام بساعة إلى ساعتين أو بعد الطعام بساعة إلى ساعتين، والمقصود منها إبقاء الدواء بعيداً عن فترة الطعام حتى تمتصه المعدة بالشكل الأمثل عندما تكون فارغة، أما عبارة “مع الطعام” تعني أن هذا الدواء يتطلّب وجود الدهون أو الدسم حتى يتم امتصاصه بشكل أفضل، كالفيتامينات المنحلة بالدسم مثل فيتامين D.
ومن الضروري التنويه إلى شرب كمية كافية من الماء مع الدواء، وتجنب بلعه بدون ماء، أو أخذه مع سوائل أخرى كالعصير أو القهوة أو الكحول، وذلك لاحتوائهم على مواد قد تسبب تداخلات دوائية خطيرة تؤدي للوفاة.
مع تطبيقك لهذه الإرشادات، ستسمح للدواء بإتمام عمله داخل جسمك، ولن يتشكل أي عائق أمام استفادتك منه.
ودمتم بخير.